كتاب أسرار ترتيب القرآن

سورة ن والحاقة
...
سورة ن:
أقول: لما ذكر سبحانه في آخر [سورة] 1 تبارك التهديد بتغوير الماء2، استظهر عليه في هذه السورة بإذهاب ثمر أصحاب البستان في ليلة بطائف طاف عليه3 وهم نائمون، فأصبحوا لم يجدوا له أثرًا، حتى ظنوا أنهم ضلوا الطريق4، وإذا كان هذا في الثمار وهي أجرام كثيفة، فالماء الذي هو لطيف رقيق أقرب إلى الإذهاب؛ ولهذا قال: {وَهُمْ نَائِمُونَ، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} "19، 20"، وقال هناك: {إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} "الملك: 30" إشارة إلى أنه يسري عليه في ليلة كما أسري5 على الثمرة في ليلة.
سورة الحاقة:
أقول: لما وقع في "ن" ذكر يوم القيامة مجملًا في قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} "القلم: 42" الآية، شرح ذلك في هذه السورة نبأ6 هذا اليوم، وشأنه العظيم7.
__________
1 ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
2 ورد في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} "ن: 30"، وتغوير الماء: جفافه.
3 في المطبوعة: "يطاف عليه فيها"، والمثبت من "ظ".
4 جاء هذا في سورة القلم بقوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} إلى {إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} "القلم: 17-31".
5 في المطبوعة: "سرى"، والمثبت من "ظ".
6 في المطبوعة: "بناء على" تحريف، والمثبت من "ظ".
7 وذلك من أول السورة إلى قوله: {لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} "الحاقة: 37".

الصفحة 146