كتاب أسرار ترتيب القرآن

مناسبات هذه السور، فقال في سورة الكوثر1: اعلم أن هذه السورة كالمتممة لما قبلها من السور، وكالأصل لما بعدها.
أما الأول فلأنه تعالى جعل سورة "الضحى" في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- وتفصيل أحواله، فذكر في أولها ثلاثة أشياء تتعلق بنبوته: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى، وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} "الضحى: 3-5"، ثم ختمها بثلاثة أحوال من أحواله فيما يتعلق بالدنيا: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى، وَوَجَدَكَ ضَالًا فَهَدَى، وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} "الضحى: 6-8".
ثم ذكر في سورة "ألم نشرح" أنه شرفه بثلاثة أشياء: شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر.
ثم شرفه في سورة "التين" بثلاثة أنواع [من التشريف] 2: أقسم ببلده، وأخبر بخلاص أمته من الناس بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} ووصولهم إلي الثواب3 بقوله: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} "التين: 6".
وشرَّفه في سورة اقرأ بثلاثة أنواع: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} "العلق"، وقهر خصمه بقوله: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ، سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} "العلق: 17، 18"، وتخصيصه بالقرب في قوله: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} "العلق: 19".
وشرفه في سورة "القدر" بليلة القدر، وفيها ثلاثة أنواع من الفضيلة: كونها خيرًا من ألف شهر، وتنزل الملائكة والروح فيها، وكونها سلامًا حتى مطلع الفجر.
__________
1 كلام السيوطي المنقول من تفسير الرازي فيها اختصار هنا.
2 ما بين المعقوفين من تفسير الرازي.
3 في "ظ": "ورفعه له بالثواب"، وهي كذلك في تفسير الرازي.

الصفحة 174