كتاب دلائل النبوة لإسماعيل لأصبهاني

.. عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَأَخْبَارِهَا ... وَشَدِّهَا الْعَيْسَ بِأَكْوَارِهَا
تَهْوَى إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا مُؤْمِنُ الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا
فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... مِنْ رَوَابِيهَا وَأَحْجَارِهَا ... قَالَ فَلَمْ أَرْفَعْ بِقَوْلِهِ رَأْسًا فَقُلْتُ دَعْنِي فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةَ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِيُّ يَقُولُ ... عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطْلَابِهَا ... وَشَدِّهَا الْعَيْسَ بِأَقْتَابِهَا
تَهْوَى إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا صَادِقُ الْجِنِّ كَكَذَّابِهَا
فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... لَيْسَ قُدَّامَاهَا كَأَذْنَابِهَا ... قَالَ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي حُبُّ الْإِسْلَامِ وَرَغِبْتُ فِيهِ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ شَدَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي رَحْلَهَا وَانْطَلَقْتُ مُتَوَجها إِلَى مَكَّة فَلَمَّا كنت بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ هُوَ فِي الْمَسْجِد فانتهيت إِلَى الْمَسْجِد فعلقت نَاقَتِي وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ فَقُلْتُ اسْمَعْ مَقَالَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ادْنِهِ فَلَمْ يَزَلْ يُدْنِينِي حَتَّى صِرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ هَاتْ فَأَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رَئِيِّكَ فقُلْتُ ... أَتَانُي نَجِيِّيِ بَعْدَ هَدْإٍ وَرَقْدَةٍ ... وَلَمْ يَكُ فِيمَا قَدْ بَلَوْتُ بِكَاذِبِ
... ثَلَاثَ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ... أَتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ
... فَشَمَّرْتُ مِنْ ذَيْلِ الْإِزَارِ وَوَسَّطَتْ بِيَ ... الذِّعْلِبُ الْوَجْنَاءُ بَيْنَ السَّبَاسِبِ
فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ ... وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَائِبِ
... وَأَنَّكَ أَدْنَى الْمُرْسَلِينَ وَسِيلَةً ... إِلَى اللَّهِ يَا ابْنَ الْأَوَّلِينَ الأطايب
... فمرنا بِمَا يَأْتِيك ياخير مَنْ مَشَى ... وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ
وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ ... يَكُونُ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَّادِ بْنِ قَارِبِ ... قَالَ فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِمَقَالَتِي فَرَحًا شَدِيدًا حَتَّى رُؤِيَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِمْ قَالَ فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَالْتَزَمَهُ وَقَالَ لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ هَذَا الْحَدِيثَ

الصفحة 132