كتاب دلائل النبوة لإسماعيل لأصبهاني
بِلَادِ فَارِسَ فَتَجَلَّدَ كِسْرَى وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ وَلَبَسَ تَاجَهُ وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُوبَذَانِ فَقَالَ يَا مُوبَذَانُ إِنَّهُ سَقَطَ مِنْ إِيوَانِي أَرْبَعُ عَشْرَةُ شُرْفَةً وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ وَلَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ الْيَوْمِ بِأَلْفِ عَامٍ فَقَالَ وَأَنَا أَيُّهَا الْمَلِكُ قَدْ رَأَيْتُ كَأَنَّ إِبِلًا صعابا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسَ قَالَ فَمَا تَرَى ذَلِكَ يَا مُوبَذَانِ وَكَانَ رَأْسَهُمْ فِي الْعِلْمِ قَالَ حَدَثٌ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْعَرَبِ فَكَتَبَ حِينَئِذٍ مِنْ كِسْرَى مَلِكُ الْمِلُوكِ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ يُخْبِرُنِي بِمَا أسأله عَنهُ فَبعث إِلَيْهِ عبد المسيح بن حبَان ابْن بَقِيَلَةَ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسَأَلَكَ عَنْهُ قَالَ يَسْأَلُنِي الْمَلِكُ فَإِنْ كَانَ عِنْدِي مِنْهُ عِلْمٌ أَعْلَمْتُهُ وَإِلَّا فَأَعْلَمْتُهُ بِمن عمله عَلِمُهُ فَيُخْبِرُكَ بِهِ فَقَالَ عِلْمُهُ عِنْدَ خَالٍ لِي يَسْكُنُ مَشَارِفَ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ قَالَ فَاذْهَبْ إِلَيهِ فَاسْأَلْهُ فَأَخْبِرْنِي بِمَا يُخْبِرك بِهِ فَخرج عبد المسبح حَتَّى قَدِمَ عَلَى سَطِيحٍ وَهُوَ مُشْرِفٌ عَلَى الْمَوْتِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ فَلَمْ يُجَبْهُ سَطِيحٌ فَأَقْبَلَ يَقُولُ ... أَصَمُّ أَمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ الْيَمَنْ
... أَمْ فَازَ فَازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنْ
... يَا فَاصِلَ الْخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ وَمَنْ
... أَتَاكَ شَيْخُ الْحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنْ
... وَأُمُّهُ مِنْ آلِ ذَيْبِ بْنِ حَجَنْ
... تَحْمِلُنِي وَجْنًا وَتَهْوِي بِهِ وَجِنْ
... حَتَّى أَتَى عَارِي الْجَآجِي وَالْقَطَنْ
... أَزْرَقُ بِهْمُ النَّابِ صَرَّارُ الْأُذُنْ
قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَسِيحِ يَهْوِي إِلَى سَطِيحٍ وَقَدْ أَهْوَى عَلَى الضَّرِيحِ بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانِ لِارْتِجَاسِ الْإِيوَانِ وَخُمُودِ النِّيرَانِ وَرُؤْيَا الْمُوبَذَانِ رَأَى إِبِلًا صعابا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسَ يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ إِذَا ظَهَرَتِ التِّلَاوَةُ وَغَارَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ وَفَاضَ وَادِي السَّمَاوَةِ وَخَرَجَ مِنْهَا صَاحِبُ الْهِرَاوَةِ فَلَيْسَتِ الشَّامُ بِالشَّامِ يَمْلِكُ مِنْهِمْ مُلُوكُ وَمَلِكَاتُ عَلَى عَدَدِ الشُّرْفَاتِ وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتِ ثُمَّ مَاتَ
الصفحة 135
236