كتاب دلائل النبوة لإسماعيل لأصبهاني
ثُمَّ قَالَتَا أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَتْ رِجَالُنَا حُضُورًا مَا تَكَلَّمْتَ بِهَذَا ثمَّ ولتا فَخرجت أقفو آثَارَهُمَا حَتَّى لَقِيَتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا أَنْتُمَا وَمَا جَاءَ بِكُمَا فَأَخْبَرَتَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ أَيْنَ تَرَكْتُمَا الصابيء فَقَالَتَا تَرَكْنَاهُ بَيْنَ السُّتُورِ وَالْبِنَاءِ فَقَالَ لَهُمَا هَلْ قَالَ لَكُمَا شَيْئًا فَقَالَتَا نَعَمْ كَلِمَةٌ تَمْلَأُ الْفَمَ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْسَلَّتَا وَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَاكَ فَقَالَ أَيْنَ أَنْتَ وَمِنْ أَيْنَ جِئْتَ وَمَا جَاءَ بك فأنشأت أعلمهُ الْخَبَرَ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ كُنْتَ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ فَقُلْتُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ طَعَامُ طَعْمٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي أَنْ أُعَشِّيهِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي وَأَخَذَ أَبِي بَكْرٍ بِيَدِهِ حَتَّى وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَابِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ بَيْتَهُ ثُمَّ أَتَيَ بِزَبِيبٍ مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ فَجَعَلَ يَلْقِيهِ لَنَا قَبْضًا قَبْضًا وَنَحْنُ نَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى تَمَلَّأْنَا مِنْهُ قَالَ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا ذَرٍّ فَقُلْتُ لَبَّيْكَ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ رُفِعَتْ لِي أَرْضٌ وَهِيَ ذَاتُ مَاءٍ لَا أَحْسَبُهَا إِلَّا تُهَامَةَ فَاخْرُجْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ إِلَى مَا دَخَلْتَ فِيهِ قَالَ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أُمِّي وَأَخِي فَأَعْلَمْتُهُمَا الْخَبَرَ فَقَالَا مَا بِنَا رَغْبَةٌ عَنِ الدِّينِ الَّذِي دَخَلْتَ فِيهِ فَأَسْلَمَا ثُمَّ خَرَجْنَا فَأَعْلَمْتُ قَوْمِي فَقَالُوا إِنَّا قَدْ صَدَّقْنَاكَ وَلَكِنَّا نَلْقَى مُحَمَّدًا فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِينَاهُ فَقَالَتْ لَهُ غِفَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا ذَرٍّ أَعْلَمَنَا مَا أَعْلَمْتَهُ وَقَدْ أَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ تَقَدَّمَتْ أَسْلَمُ خُزَاعَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ رَغِبْنَا وَدَخَلْنَا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ إِخْوَانُنَا وَحُلَفَاؤُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَغِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا ثُمَّ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنهُ بيَدي قَالَ ياأبا ذَر فَقلت لبيْك ياأبا بَكْرٍ فَقَالَ هَلْ كُنْتَ تَأْلَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قُلْتُ نَعَمْ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَقُومُ عِنْدَ الشَّمْسِ فَلَا أَزَالُ مُصَلِّيًا حَتَّى يُؤْذِينِي حَرُّهَا فَأَخِرُّ كَأَنِّي خَفَاءٌ فَقَالَ لِي فَأَيْنَ كُنْتَ تُوَجَّهُ قُلْتُ لَا أَدْرِي إِلَى حَيْثُ وَجَّهَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ
160 - قَالَ الإِمَام رَحمَه وَرُوِيَ إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أُنَيْسُ وَكَانَ شَاعِرًا فَتَنَافَرَ هُوَ وَشَاعِرٌ آخَرُ قَالَ أُنَيْسُ أَنَا أَشْعَرُ مِنْكَ وَقَالَ الْآخَرُ أَنَا أَشْعَرُ مِنْكَ فَقَالَ أُنَيْسُ أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا كَاهِنُ مَكَّةَ قَالَ نَعَمْ فَخَرَجْنَا إِلَى مَكَّةَ فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ الْكَاهِنِ فَأَنْشَدَهُ هَذَا كَلَامَهُ وَهَذَا كَلَامَهُ فَقَالَ لِأُنَيْسٍ قَضَيْتُ
الصفحة 147
236