كتاب دلائل النبوة لإسماعيل لأصبهاني
لِنَفْسِكَ قَالَ فَكَأَنَّهُ فَضَّلَ شِعْرُ أنيس فَرجع أُنَيْسٍ فَقَالَ يَا أَخِي رَأَيْتُ بِمَكَّةَ رَجُلًا يَزْعَمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَهُوَ عَلَى دِينِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ أَيُ شَيْءٍ كُنْتَ تَعْبُدُ قَالَ لَا شَيْءَ كُنْتُ أُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَسْقُطَ كَأَنِّي خَفَاءٌ حَتَّى يَوْقِظَنِي حَرُّ الشَّمْسِ فَقُلْتُ أَيْنَ كُنْتَ تُوَجِّهُ وَجْهَكَ قَالَ حَيْثُ وَجَّهَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَبُو ذَرٍّ قُلْتُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَهُ فَجَهَّزْتُ ثُمَّ خَرَجْتُ فَقَالَ لِي أُنَيْسٌ لَا تُظْهِرُ أَنَّكَ تَطْلُبُهُ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ دُونَهُ قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجِئْتُ حَتَّى دَخَلْتُ مَكَّةَ فَكُنْتُ بَين الْكَعْبَة وَأَسْتَارهَا خمس عشر لَيْلَةً وَيَوْمًا أَخْرَجُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمِ شَرْبَةً فَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخْفَةُ وجوع وَلَقَدْ تَعَكْنَ بَطْنِي فَجَعَلْتُ امْرَأَتَانِ تَدْعُوَانِ لَيْلَةً آلِهَتَهُمَا وَتَقُولُ إِحْدَاهُمَا يَا إِسَافُ هَبْ لِي غُلَامًا وَتَقُولُ الْأُخْرَى يَا نَائِلَةُ هَبْ لِي كَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ هُنَّ بِهن فولتا وجعلتا تقولان الصابيء بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا إِذْ مَرَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يَمْشِي وَرَاءَهُ فَقَالَتَا الصابيء بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامٍ قَبَّحَ مَا قَالَتَا قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِي مُنْذُ كم أَنْت هَاهُنَا قلت مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَالَ فَمِنْ أَيْنَ كُنْتَ تَأْكُلُ قُلْتُ آتِي زَمْزَمَ كُلَّ لَيْلَةٍ نِصْفَ اللَّيْلِ فَأَشْرَبُ مِنْهَا فَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخْفَةُ جُوعٍ وَلَقَدْ تَعَكَّنَ بَطْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا طَعْمٌ وَشُرْبٌ وَهِيَ مُبَارَكَةٌ قَالَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ سَأَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ غِفَارٍ وَكَانَتْ غِفَارٌ يَقْطَعُونَ عَلَى الْحَاجِّ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَبَّضَ عَنِّي فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ يَا أَبَا بَكْرٍ فَانْطَلَقَ بِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَرَّبَ زَبِيبًا فَأَكَلْنَا مَعَهُ فَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّمَنِي الْإِسْلَامَ وَقَرَأْتُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُظْهِرَ دِينِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ قُلْتُ لَابُدَّ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ قُتِلْتَ قَالَ فَسَكَتَ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُرَيْشٌ حَلَقٌ يَتَحَدَثُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فتنقضنت الْحَلَقُ فَقَامُوا إِلَيَّ فَضَرَبُونِي حَتَّى تَرَكُونِي كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُونِي فَقُمْتُ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِيَ أَلَمْ أَنْهَكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَتْ حَاجَةً فِي نَفْسِي فَقَضَيْتُهَا فَقُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولَهَ فَقَالَ لِي الْحَقْ بِقَوْمِكَ فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورِي
الصفحة 148
236