كتاب دلائل النبوة لإسماعيل لأصبهاني

الَّتِي فِي وَسَطِ الْأَرْضِ مِنَ الْجِنِّ وَسَائِرِ الْإِنْسِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ مِمَّا يَلِي مُنْقَطَعُ أَرْضِ التُّرْكِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ قَالَتْ لَهُ أُمَّةٌ صَالِحَةٌ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ بَيْنَ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَأْكُلُونَ كُلَّ ذِي رُوحٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ للَّهِ تَعَالَى خَلْقٌ يَنْمَى نَمَاءَهُمْ فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ مُدَّة على ماترى مِنْ نَمَائِهِمْ فَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ سيملؤن الْأَرْضَ وَيَجْلُونَ أَهْلَهَا مِنْهَا وَيَظْهَرُونَ عَلَيْهَا فَيَفْسِدُونَ فِيهَا فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا فَأَنْشَأَ ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي عَمَلِهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ انْطَلَقَ عَامِدًا إِلَى جَمَاعَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ دُفِعَ إِلَى أُمَّةٍ صَالَحَةٍ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه ويعدلون مِنْهُمْ بِيُوتَهُمْ وَلَيْسَ عَلَى بِيُوتِهِمْ أَبْوَابُ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أُمْرَاءٌ وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ قُضَاةُ وَلَيْسَ فِيهِمْ أَغْنِيَاءُ وَلَا مُلُوكَ فَعَجِبَ ذَوُ الْقَرْنَيْنِ مِنْهُمْ وَقَالَ أَخْبِرُونِي مَا بَالُ قُبُورِ مَوْتَاكُمْ بِأَبْوَابِ بِيُوتِكُمْ قَالُوا فَعَلْنَا ذَلِكَ لِئَلَّا نَنْسَى الْمَوْتَ قَالَ فَمَا بَالُ بِيُوتِكُمْ لَيْسَ عَلَيهَا أَبْوَابُ قَالُوا لَيْسَ فِينَا مُتَّهَمٌ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءٌ قَالُوا لَا نَتَظَالَمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ حُكَّامٌ قَالُوا لَا نَخْتَصِمُ قَالَ مَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ أَغْنِيَاءٌ قَالُوا لَا نَتَكَاثَرُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ مُلُوكٌ قَالَ لَا نَتَكَابَرُ قَالَ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لَوْ كُنْتُ مُقِيمًا لَأَقَمْتُ مَعَكُمْ وَلَكْنِي لَمْ أُؤْمَرْ بِالْمُقَامِ
قَالَ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْيَهُودِ أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُهُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالُوا سلوه عَن الرّوح فَسَأَلُوهُ فَنَزَلَتْ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرّوح من أَمر رَبِّي} فَقَالَ أُوتِينَا عِلَمًا كَثِيرًا وَأُوتِينَا التَّوْرَاةَ وَمَنْ أُوتِي التَّوْرَاةَ فَقَدْ أُوتِيَ عِلْمًا كَثِيرًا فأَنَزْلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْر مدادا لكلمات رَبِّي} قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ وَعَرَفُوا صِدْقَهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمِ الْغُيُوبِ حَالَ الْحَسَدُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اتَّبَاعِهِ وَتَصْدِيقِهِ فَلَجُّوا فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَقَالُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ
302 - أَخْبَرَنَا عبد الواحد بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرَّوْيَانِيُّ قَدِمَ عَلَيْنَا ثَنَا أَبُو سَهْلٍ الْأَبْيُورِدِيُّ بِبَخَارَى ثَنَا الْقَاضِي أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ الْكُوفِيُّ بِبَغْدَادَ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ ثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ أَنَا خَالِدُ بْنُ عبد الله عَنْ دَاوُدَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَب عَن ابْن سَلْمَانَ وَكَانَ

الصفحة 218