كتاب دلائل النبوة لإسماعيل لأصبهاني

يَطْلُبُونَكُمْ قَالَ ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ فَأَحْيَيْنَا أَوْ سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا أَوْ يَوْمَنَا حَتَّى أُظْهِرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظُّهْرِ فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ نَأْوِي إِلَيْهِ فَإِذَا صَخْرَةٌ فَأَتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطُّلَّبِ أَحَدًا فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أَرَدْنَا فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَسَمَّاهُ فَعَرِفْتُهُ فَقُلْتُ هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي قَالَ نَعَمْ فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ عَنْهَا مِنَ الْغُبَارِ ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ فَقَالَ هَكَذَا ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالْأُخْرَى فَحلبَ للي كَثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَقَدْ رَوَّيْتُ مَعِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرُدَ أَسْفَلُهُ فَانْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَشَرِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَضَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ قَدْ نَالَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَقلت هَذَا الطّلب قلد لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَلَمَّا دَنَا مِنَّا فَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قِيدُ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قُلْتُ هَذَا الطُّلَّبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَحِقَنَا وَبَكَيْتُ قَالَ لِمَ تَبْكِي قُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُول الله اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ فَسَاخَتْ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا فَوَثَبَ عَنْهَا ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنْجَيَّنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأُعْمِيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطُّلَّبِ وَهَذِهِ كِنَانَتِي خَذْ سَهْمًا مِنْهَا فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ فَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ
قَالَ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ الرَّحْلُ لِلنَّاقَةِ بِمَنْزِلَةِ السِرْجِ لِلْفَرَسِ أُظْهِرْنَا دَخَلْنَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَقَائِمُ الظُّهْرِ وَقْتُ الزَّوَالِ أَنْفُضُ مَا حَوْلِي أَيْ أَنْظُرُ هَل أرى أحد اعْتَقِلُ شَاةً أَيْ أَمْسِكُ رِجْلَهَا وَكَثْبَةٌ مِنْ لَبَنٍ أَيْ كَثْرَةٌ رَوَّيْتُ مَلَأْتُ هَذَا الطُّلَّبُ أَيِ الطَّالِبُ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ فَسَاخَتْ فَرَسُهُ أَيْ دَخَلَ يَدَاهَا وَرِجْلَاهَا فِي الْأَرْضِ لَأُعَمِيَنَّ لَأُخْفِيَنَّ

الصفحة 62