كتاب دلائل النبوة لإسماعيل لأصبهاني

وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا بِرَسُولٍ نُكَلِّمُهُ فَقُلْنَا وَاللَّهِ لَنْ نُكَلِّمُ رَسُولًا وَإِنَّمَا بُعِثْنَا إِلَى الْمَلِكِ فَإِنْ أَذِنَ لَنَا كَلَّمْنَاهُ وَإِلَّا لَمْ نُكَلِّمْهُ فَرَجِعَ إِلَيْهِ رَسُولُهُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَأَذِنَ لَنَا فَقَالَ تَكَلَّمُوا فَكَلَّمَهُ هِشَامٌ وَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِذَا عَلَيْهِ ثِيَابٌ سَوَادٌ فَقَالَ لَهُ مَا هَذِهِ الَّتِي عَلَيْكَ فَقَالَ لَبِسْتُهَا وَحَلِفْتُ أَنْ لَا أَنْزَعَهَا حَتَّى أُخْرِجَكُمْ مِنَ الشَّامِ كُلِّهِ قُلْنَا مَجْلِسِكَ هَذَا فَوَاللَّهِ لَنَأْخُذَنَّهُ مِنْكَ وَمُلْكَ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَسْتُمْ مِنْهُمْ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَصُومُونَ بِالنَّهَارِ وَيُفْطِرُونَ بِاللَّيْلِ فَكَيْفَ صَوْمُكُمْ فَأَخْبَرَنَاهُ فَعَلَا وَجْهَهُ سَوَادٌ وقَالَ قُومُوا وَبَعَثَ مَعَنَا رَسُولًا إِلَى الْمَلِكِ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ الَّذِي مَعَنَا إِنَّ دَوَابَّكُمْ هَذِهِ لَا تَدْخُلُ مَدِينَةَ الْمَلِكِ فَإِنْ شِئْتُمْ حَمَلْنَاكُمْ عَلَى بَرَاذِينَ وَبِغَالٍ قُلْنَا وَاللَّهِ لَا ندخل إِلَّا عَلَيْهَا فأرسلوا إِلَى الْمَلِكِ إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ فَدَخَلْنَا عَلَى رَوَاحِلِنَا مُتَقَلِّدِينَ سُيُوفَنَا حَتَّى إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَى غُرْفَةٍ لَهُ فَأَنَخْنَا فِي أَصْلِهَا وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْنَا قُلْنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ قد تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهَا عِذْقٌ تَصْفُقُهُ الرِّيَاحُ فَأُرْسِلَ إِلَيْنَا أَنْ لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا بِدِينِكُمْ فَأَرْسَلَ أَنِ ادْخُلُوا فَدَخَلْنَا وَهُوَ عَلَى فِرَاشٍ لَهُ وَعِنْدَهُ بَطَارِقَةٌ مِنَ الرُّومِ وَكُلُّ شَيْءٍ فِي عِلْيَتِهِ أَحْمَرُ وَمَا حَوْلَهُ حُمْرَةٌ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مِنَ الْحُمْرَةِ فَدَنَوْنَا مِنْهُ فَضَحِكَ وَقَالَ مَا كَانَ عَلَيْكُمْ لَوْ جِئْتُمُونِي بِتَحِيَّتِكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ فَصِيحٌ بِالْعَرَبِيَّةِ كَثِيرُ الْكَلَّامِ قُلْنَا إِنَّ تَحِيَّتَنَا فِيمَا بَيْنَنَا لَا تَحِلُّ لَكَ وَتَحِيَّتَكَ الَّتِي تُحَيِّي لَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نُحَيِّيكَ بِهَا قَالَ كَيْفَ تَحِيَّتُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ قَالَ وَكَيْفَ تُحَيُّونَ مَلِكَكُمْ قُلْنَا بِهَا قَالَ فَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْكُمْ قُلْنَا بِهَا قَالَ فَمَا أَعْظَمُ كَلَامِكُمْ قُلْنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَاللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ فَلَمَّا تَكَلَّمْنَا بِهَا وَاللَّهُ يَعْلَمُ لَقَدْ تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهَا قَالَ فَهَذِهِ الْكَلِمَةُ الَّتِي قُلْتُمُوهَا حَيْثُ تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ كُلَّمَا قُلْتُمُوهَا فِي بُيُوتكُمْ تتنقض بِيُوتُكُمْ عَلَيْكُمْ قُلْنَا لَا مَا رَأَيْنَا فَعَلَتْ هَذَا قَطُّ إِلَّا عِنْدَكَ قَالَ لَوَدِدْتُ أَنَّكُمْ كُلَّمَا قُلْتُمُوهَا تَنَقَّضَ كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ نِصْفِ مُلْكِي قُلْنَا لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ أيسر لشأنها وَأَجْدَرُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَمْرِ النُبُوَّةِ ثُمَّ سَأَلَنَا عَمَّا أَرَادَ فَأَخْبَرْنَاهُ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ صَلَاتُكُمْ وَصَوْمُكُمْ فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ قُومُوا فَقُمْنَا فَأَمَرَ لَنَا بِمَنْزَلٍ حَسَنٍ وَنُزُلٍ كَثِيرٍ وَأَقَمْنَا ثَلَاثًا فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا لَيْلًا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَاسْتَعَادَ قَوْلَنَا فَأَعَدْنَاهُ ثُمَّ دَعَا بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الرَّبْعَةِ الْعَظِيمَةِ مُذَهَّبَةٍ فِيهَا بيُوت صغَار عَلَيْهِ أَبْوَابٌ فَفَتَحَ

الصفحة 92