كتاب نشأة النثر الحديث وتطوره

رماد تخلف عن نار وحوض شرب أوله ولم يبق منه غير أكدار، آباء وأحساب، وحال كشجر الشلجم أحسهن ما فيه ما كان تحت التراب، ترى الفتيان كالنحل وما يدرج ما الدخل ... إلى رطانة بالعجمة بين الإعراب "أبرد من استعمال النحو في الحساب، ولو كان ذا حيلة لتحول"، "وهل عند رسم دارس من معول".
وقح تواصوا بترك البر بينهم ... تقول: ذا شرهم بل ذاك بل هذا
ميسر يلعب، ومال يسلب، وخدن يخدع، وكلب يتبع، وعطر ينفخ وفرس يضبح.
أبا جعفر ليس فضل الفتى ... إذا راح في فضل إعجابه
ولا في فراهة برذونه ... ولا في نظافة أثوابه
أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل: إن المال وسيلة لا غاية، فإن أصبت منه الكفاية، فقد بلغت النهاية.
ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته ... وما فاته وفضول العيش إشغال
ليس لك من عيشك إلا ما أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت، ولو أفرغ ذنوب في كوب لما أخذ إلا ملأه، ولا وسع إلا كفأه.
عجبت للمالك القنطار من ذهب ... يبغي الزيادة والقيراط كافيه
وكثرة المال ساقت للغنى أشرًا ... كالذيل يعثر عند المشي ضافيه
ولقد كان هذا بحق حال أبناء العلية، كما يسمون أنفسهم هؤلاء الذين ورثوا المال عن آبائهم، ولم يعرفوا في جمعه عناء ولا رهقًا، ولم يأبهوا للمجد يشيدونه أو للفخر يحرزونه، وإنما كانوا متعطلين بالوراثة، لا هم لهم إلا التطري والزينة وعقولهم هواء، وأفئدتهم خاوية إلا من الشر، وكانوا ضعاف القومية يتبرأون من لغتهم الأصلية، ويرطنون رطانة أعجمية كأنهم غير مصريين، ولكنهم والحق يقال كانوا عاجزين عن الإفصاح وعن العمل، ولم يكن في مقدورهم أن

الصفحة 162