كتاب نشأة النثر الحديث وتطوره

تصدر في رأس كل عام هجري عددًا ممتازًا يدور كله حول الدين الإسلامي، ونرى هذا واضحًا في الرسالة والثقافة، وصار عندنا بكل هذا أدب ديني سنتعرف على حقيقته فيما بعد إن شاء الله.
ولقد فطن كثير من المفكرين منذ عهد جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده إلى المشكلات الاجتماعية العديدة التي تخلفت في مصر منذ قرون طويلة، وكان من أهمها مشكلة الفقر والغنى، حيث يرون فريقًا من المصريين يحظى بثروة عريضة، وغنى فاحش ينفقون بإسراف وسعة، بينما سواد الأمة في فقر مدقع، فكثر الأطفال المشردون، والميل إلى الجريمة، والتسول على اختلاف فنونه، وقد خاض في هذه المشكلة عشرات الكتاب في الصحف والمجلات والكتب، كما قرنوا بين الفقر، والجهل الذي كان متفشيًا في غالبية الشعب، والذي أوقع الفلاحين فريسة للمرابين الأجانب نتيجة جهلهم بالحساب، حتى انتزعوا أملاكهم، وأذلوهم كما وقعوا فريسة للمخدرات والسموم والأمراض، ولم يكن الأدباء يملكون إبان العهد السائد إلا الصرخات المدوية في آذان من بيدهم المال، ومن بيدهم السلطان علهم يفيقون من غشيتهم فيولوا جمهرة الشعب البئيسة بعضًا من عنايتهم بأنفسهم، وقد كانت الاستجابة بطيئة، وفيها كثير من المباهاة، وظل الأمر كذلك لا يجد علاجا حاسمًا، ودواء ناجعًا حتى أتت ثورة يوليو 1952 فقصمت ظهر الإقطاع، وحاولت تضميد الجراح الدامية التي طال عليها الأمد.
وكان لمشكلة المرأة ونهضتها، وشعورها وتعليمها، وشغلها الوظائف، وخروجها إلى ميدان العمل نصيب غير منقوص من البحث والجدل، فمن مناصر لها كقاسم أمين صاحب الدعوة إلى السفور، ومن منكر عليها سفورها، ومن معتدل يحاول أن يحصنها أولا بالعلم والتهذيب، ويسلح الشباب بالخلق الكريم قبل أن تسفر المرأة وتزاول العمل.
وما لبثت المرأة بعد مدة حتى أخذت مكانتها في المجتمع، وفتحت لها أبواب الجامعة، وغشيت كل الكليات على مر الأيام، وأسهمت في النهضة الأدبية والفكرية.

الصفحة 21