كتاب نشأة النثر الحديث وتطوره

وقوله: "لا تبالي أسقطت على الموت أم سقط الموت عليها".
وقوله: "بين جمال الأنوار، وأنوار الجمال، ويقلب طرفه بين حسن الزهرات، وحسن الفتيات، لا يعلم أتشبه القامات الغصون، أم الغصون القامات".
وقوله: "لم ينفع الرجل دفاعه عن نفسه، ولا دفاع ابنته عنه".
وقوله: "لا تسمع شيئًا مما يقولون، ولا يعنيهم أن يسمعوا شيئًا مما تقول".
وقوله: "وأخدعه عن نفسي، ويخدعني عن نفسه".
وقوله: "لا يلوي على أحد ولا يلوي عليه أحد".
إلى غير ذلك من الأمثلة العديدة التي تلفت النظر في أسلوبه.
هذه بعض خصائص أسلوبه من ناحية الصياغة، وهو أسلوب في الغالب مشحون بالعاطفة، وليس فيه عمق الفكرة، ولا الخيال المجنح، ولا الخيال الابتكاري، وإنما يعمد إلى ألوان المجاز، فيه سجع أحيانًا، ولكنه ليس كسجع القدماء، بل هو سجع رقيق غير متكلف إلا في النادر، وفيه ازدواج مطبوع، وفواصل ترتاح النفس لها لتلاؤمها الموسيقي.
أفاد من دراسة الأدب القديم في تربية ذوقه، ولكنه تجنب المتوعر منه حتى لقد كان يرى أن المتأدب في العصر الحديث لا يحتاج إلى الشعر الجاهلي، ولا شعر الحماسة والحرب ووصف الإبل، فذلك في رأيه آخر ما يحتاج إليه المتأدب في هذا العصر.
وينعي على هؤلاء الذين يتجنبون في مختاراتهم للطلاب أبواب الغزل، ووصف الطبيعة، وعواطف النفس الإنسانية، وتصوير حالاتها ووجداناتها في الخير والشر، والعرف والنكر، كأنما يحسبون أن كل بيت غزل بيت ريبة، وكل وصف خمر حانة شراب، وما سمعنا من قبل، ولا نحسب أن سيسمع السامعون من بعد أن متأدبًا أفسده ديوان غزل، أو أغراه بالشراب وصف خمر".

الصفحة 236