كتاب نشأة النثر الحديث وتطوره

ظواهرها عن مظاهرنا، ومع هذا فنحن مرتبطون بهذا العلم الغربي والأدب الغربي، والمدينة طوعًا أو كرهًا تدفعنا في تيارها دفعًا، وتؤثر في حياتنا أثرًا بليغًا، شعرنا أم لم نشعر وشئنا أم لم نشأ".
"أصبح الشرق مرتبطًا بالغرب ارتباطًا وثيقًا في كل مرفق من مرافق الحياة: في الحركات السياسية، في الحركة العلمية والأدبية والفنية، في المادة والعقل، في كل شيء، ومن الخير للشرق أن يقف على هذه الحركات فيتصرف فيها عن خبرة، ويحكم فيها من علم، ويسايرها أو يعارضها عن درس، فذلك أصح لحكمه، وأوفق لغرضه، وأليق بإنسانيته".
"هذه الكنوز الشرقية التي وصفنا، وهذه الثروة الغربية التي ذكرنا، لا يقوم بحقها، بل لا يؤدي عشر معشارها كل المجلات العربية على اختلاف أنواعها ومناهجها وإقليمها، وهي -إلى الآن- لا تزال محتاجة إلى مئات المجلات بجانبها تعالج هذه الثروات من نواحيها المختلفة، وبكفاياتها المتعددة".
وقد قامت المجلة برسالتها، وآزرها أعضاء لجنة التأليف والترجمة والنشر، وكثير من كتاب العرب في مختلف بلادهم، وكانت تعني بالثقافة العربية بجانب عنايتها بالثقافة الغربية، وإن كانت أميل إلى التجديد منها إلى المحافظة.
وفي نوفمبر 1945 صدرت مجلة الكتاب لعادل الغضبان عن "دار المعارف"، وكانت شهرية تصدر في صورة كتاب كما كان شأن المقتطف والهلال، وكانت عربية السمات، مع عناية بالثقافة الغربية.
لقد تحدثنا عن هذه المجلات؛ لأن على صفحاتها تألقت المقالة الأدبية بأنواعها المختلفة، وكتابها المتباينين؛ ولأنها كانت وصلة بين الغرب والشرق، فلا تفتأ توالي الترجمة والنقل من الفكر إلى اللغة العربية، ومن فنون الأدب المختلفة إلى أدبنا ولغتنا.
وقد اشتدت في تلك الحقبة تيارات الترجمة من شتى اللغات؛ لأننا كنا في تعطش فكري وثقافي لورود مناهل الثقافة الغربية لشعورنا بتفوق الغربي المادي،

الصفحة 259