كتاب نشأة النثر الحديث وتطوره

ابتدأت هذه الدراسة مبكرة في المقتطف والهلال ولكن كان ذلك على قلة، فلما جاءت السياسة الأسبوعية روجت لها واهتمت بها وجذبت الأنظار، والعقول إلى هذه الدراسات جذبًا شديدًا.
ومن ذلك مثلًا نظرية "تين" المشهورة في الأدب وأنه خاضع لتأثير البيئة والجنس والزمن، ومناقشة هذه النظرية في أكثر من مقال، ومن آرائه: أنه لا يصلح للأدب القصصي غير الذات الشاذة.
ومن هذه الدراسات الحديث المستفيض عن الأدب اليوناني القديم وخصائصه وهي البساطة والإيجاز والصدق والجمال، ويقول في ذلك حنا خباز: "كان الإغريق يتدفقون بالعواطف، ولكنهم كانوا يكتبونها، ويحكمون عقولهم، ولم يسع شعراؤهم إلى خلق عالم جديد من مجاهل الخيال، ولم يتكلفوا وصف شعور لا يحسونه، ولم يكن جمال أدبهم ألفاظ أو استعارات، بل جمال بناء فني يجعل الطبيعة تتكلم".
ويكتب هيكل عن أناتول فرانس ومذهبه في الشك والاشتراكية، وعن أوجست كومت ومذهبه الواقعي، وتنشر السياسة الأسبوعية مقالات، عن الأدب الهندي، والأدب الألماني، ونزعة الأدب الإنجليزي في العصر الحاضر، وعن المذهب الرمزي في الشعر، وعن القصص الروسي، وتكتب العصور عن الرومانسية نشأتها وتطورها في ألمانيا ثم في إنجلترا، ثم في فرنسا مع ذكر أعلامها من الشعراء والكتاب الذين حملوا لواءها "العدد نوفمبر 1928"، وتكتب العصور كذلك عن "تين" وطريقته في النقد، وكتابه "الذكاء"، وتفيض في بحث نظريته عن الجنس والبيئة والزمن، وكيف تؤثر في الأدب.
وتكتب المقتطف عن "مسائل الفن والجمال في العصر الحديث"، وإبراز الحقائق التي تسدد خطا الحركة الأدبية، وتحرجها من أزمة التردد بين الغايات والاتجاهات الفنية المتباينة، كأن تقرر أن الغبطة بالجمال لا تضاد عاطفة المنفعة والحاجة والرغبة، كما لا تتعارض مع الحقيقة، وأن القوة والدقة والإبداع والإيقاع

الصفحة 262