كتاب نشأة النثر الحديث وتطوره
المقدمات
مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم.
مقدمة:
عندما دعاني معهد الدراسات العربية لإلقاء هذه المحاضرات على "نشأة النثر الحديث وتطوره"، سرتني هذه الدعوة بقدر ما أهمتني، سرتني؛ لأن النثر الحديث لم يلق من جمهور الباحثين، والنقاد من العناية مثل تلك العناية البالغة التي لقيها الشعر، ورأيت في هذه الدعوة الكريمة فرصة لأضع لبنة متواضعة في هذه الدراسة ... وأهمتني؛ لأن نثرنا الحديث قد تطور في مدى قرن ونصف تطورًا عظيمًا، وتعددت أغراضه وألوانه، واتسعت آفاقه وقوالبه، وتطورت معه اللغة العربية، وخرجت من جمودها السابق إلى مسايرة الحضارة الحديثة، والثقافات الوافدة، ولا سيما في العلوم الإنسانية، وظهر في ميادين النثر المختلفة، من مقالة وأقصوصة ورسائل، ومسرحيات وكتب عدد كبير من الأعلام الذين أثروا الأدب العربي بنتاجهم، وكانوا زينة عصرهم، ولكل طريقة في التفكير والتعبير، ومنابع الثقافة.
ولم يكن من اليسير أن تتناول هذه المحاضرت كل ألوان النثر من مقالة، ورسالة وكتاب وقصة ومسرحية، ولذلك آثرت أن أترك الحديث عن القصة والمسرحية في هذه المحاضرات، إذ قد ظهرت فيهما بعض الدراسات من الممكن أن تكون أساسًا لدراسات أوسع، ووجهت همي إلى دراسة فنون النثر الأخرى، ولا سيما المقالة والرسالة والكتاب.
وكان تتبع نشأة النثر الحديث، وكيف تخلص من أوضار الماضي، ونهضته من وهدة الركاكة، والغثاثة إلى أن اتضحت سماته، وأخذ يشق طريقه إلى القوة
الصفحة 3
268