كتاب نشأة النثر الحديث وتطوره
والصحة والجمال الفني، كان تتبع هذه النشأة والتطور في مراحلهما الأولى أمرًا غير هين، ولكن من حسن حظى أن قد تتبعت هذه النشأة من قبل في كتابي "الأدب الحديث"، وحاولت في هذه المحاضرت أن أزيد الدراسة السابقة وضوحًا بإيراد النماذج ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، وإن كان المقام حال بيني وبين التوسع في هذه النماذج، ودراستها بالقدر الذي كنت أرجو.
ووجدت بين يدي فيضا من الآثار النثرية الجديرة بالدرس، وعددًا كبيرًا من كبار الكتاب في الألوان التي آثرتها بالدراسة، ولا سيما وقد حاولت أن أتتبع هذه النشأة بمصر والعراق، والشام حتى أعطي صورة واضحة قدر المستطاع، ومدى ما أسهمت به البلاد العربية في هذه النهضة، وعلى الرغم من الإيجاز الشديد الذي أعتذر عنه، والذي اقتضته طبيعة هذه المحاضرات فقد وجدتني، وقد انتهت المحاضرات المخصصة لي في منتصف الطريق، ولا زال أمامي عدد من أعلام البيان العربي لهم منزلتهم الكبيرة في دنيا الأدب، ولن تكمل الدراسة، وتتم إلا بتتبع آثارهم والتعرف على اتجاهاتهم، وأساليبهم من أمثال: الرافعي والزيات والبشري، وهيكل والمارني وكرد علي والألوسي وغيرهم، وبخاصة والقرن العشرون قد شهد نهضة فارعة في النثر في شتى ميادينه، والبلاد العربية قد سارت شوطًا بعيدًا في طريق نضجها العقلي والأدبي، ولذلك أقدم هذه المحاضرات المركزة تمهيدًا لدراسة أخرى أرجو أن تتاح لي - بإذن الله تعالى- أقدم فيها أعلام البيان العربي في القرن العشرين، والله ولي التوفيق.
عمر الدسوقي.
الصفحة 4
268