كتاب نشأة النثر الحديث وتطوره

ولنستمع إليه مرة ثانية يحدثنا عن بعض الشئون الداخلية عقب سقوط وزارة رياض، وتولية شريف، وكان رياض من ألد أعداء الصحافة الحرة والأقلام الجريئة، وقد سقطت وزارته حين أمر بفض مجلس النواب، فلما جاء شريف ألغى هذا الأمر فحياه أديب بمقال استهله بقوله:
ولي وطن آليت ألا أبيعه ... وألا أرى غيري له الدهر مالكا
ثم يقول فيه للمصريين: "لقد نهضتم من ورطة الذل بما تم لكم من إقامة الحكومة الوطنية، وتأييد الهيئة الثورية، فصار الأمر منكم وإليكم، وتبعته لكم وعليكم، لتنظروا إلى مستقبلكم نظر الآمن، وتستعملوا ما حصل لكم من الحقوق، وما رد إليكم من الحرية فيما يجلب لكم الخير، ويدفع عنكم الضير، ولا تكونوا كمن وجد كنزًا فأدهشه المال، فلم يودعه مكانًا أمينًا، فأتاه السارق على غرة، فأفاق يطلب الكنز فرأى الأرض قفرًا والمزار بعيدًا".
وقال أديب يوم افتتاح مجلس النواب سنة 1881، معبرًا عن فرحته منددًا بمحرر جريدة البرهان الشيخ حمزة فتح الله حين دعا إلى حكم الفرد:
صفحا لهذا الدهر عن هفواته ... إن كان هذا اليوم حسناته
وكيف لا؟ وهو حاجة النفس، وأمنية القلب، منذ توجه الخاطر إلى السياسة الوطنية، وانصرف العزم إلى إحياء الهمم، وانعقدت النية على حفظ الحقوق، واتحدت الوجهة في القيام بالواجبات، وهو النشأة التي كست الوطن رداء الفتوة قشيبا، وهو البغية التي غرست للأخمة غصن الأمل رطيبًا، وهو ما رجوناه زمانه، ودافعنا الزمن فيه، وتمنيناه أعوامًا، وغالبنا الحدثان عليه، فيا حسنه من يوم رد فائت البهاء، وأحيا ميت الرجاء وأعاد شباب الأمة، وسدل ستور النعمة، وأظهر مقاصد الأمير، وأيد مساعي الوزير، وقضى لبانات النبهاء، وحقق أماني النزهاء".
ولنستمع إليه كذلك يقول عن الحزب الوطني الذي أنشئ في أوائل عهد توفيق وما يتعلق به من أماني، موضحًا سياسته، وأنه "يريد أن يكون المصري في

الصفحة 72