كتاب معلمو المسجد النبوي الشريف

قضية، وفي هذا المسجد حصلت الكثير من المعجزات وعقدت ألوية الجهاد وانطلقت
منه أهم الغزوات مثل أحد والخندق والفتح.
أما الجانب العلمي الذي نحن بصدده فالمسجد النبوي هو مركز الإشعاع فيه ومنطلق
النور منه حيث قام بهذه الهمة فيه المعلم الأول - صلى الله عليه وسلم -، وقام بها أيضا جبريل عليه السلام،
فمي هدا المسجد أدى - صلى الله عليه وسلم - رسالة ربه {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2]
سيد العلماء والمعلمين في المسجد النبوي هو النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكان الصحابة رضي الله
عنهم يأخذون القرآن الكريم والعلم مباشرة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكلما نزل شيء من الوحي
دعا كتابه وقراءه وأملاه عليهم فسمعوه ووعوه وأعادوا عرضه عليه.
وربما كان المسجد النبوي هو المكان الوحيد الذي شهد تعليم جبريل عليه السلام
للمسلمين بعض أحكام دينهم كما يدل على ذلك حديث جبريل المشهور عندما سأل
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام والإيمان والإحسان وغير ذلك ليعلم الناس أمور دينهم.
الرسول - صلى الله عليه وسلم - يغتنم كل الظروف ليوضح ويرشد، يخطبهم كل جمعه ويجمعهم عند كل
خطب، وجاء عن جابر - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب من بعد صلاة الفجر إلى العشاء، قال فلم
يدع لنا أمرا إلا ذكر لنا عنه حفظ ذلك من حفظ ونسي من نسي.
إلى جانب هذا البيان البليغ النظري كان صلى الله عليه وسلم يهتم بالجانب التوضيحي
والجانب العملي، ومن أمثلة ذلك ما رواه ابن مسعود بقوله: (خط لنا رسولالله خطا
بيده ثم قال (هذا سبيل الله مستقيما) وخط عن يمينه وشماله ثم قال: (هذه السبل ليس
منها سبيل إلا عليه شيطان يدعوا إليه) ثم قرأ صلوات الله وسلامه عليه {وَأَنَّ هَذَا

الصفحة 20