كتاب معلمو المسجد النبوي الشريف

بمجلسين أحدهما فيه دعاء وإقبال على الله والاخر فيه علم فأقرهما وجلس في مجلس
العلم وقال: " إنما بعثت معلما". واستمرت مثل هذه المجالس بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -.
وذكر مكحول عن رجل أنه قال: "كنا جلوسا في حلقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في
مسجد المدينة فتذاكر فضائل القرآن فذكر الحديث في أعجوبة (بسم الله الرحمن الرحيم).
وكان لأبي هريرة - رضي الله عنه - حلقة في المسجد النبوي يعلم فيها حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت
هذه الحلقة تعكس سعة حفظ أبي هريرة رضي الله عنه، كما كانت تجيش بعواطفه
الصادقة تجاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد دخل رجل على معاوية - رضي الله عنه - فقال: "مررت
بالمدينة فإذا أبو هريرة جالس في المسجد حوله حلقة يحدثهم فقال: حدثني خليلي أبو
القاسم - صلى الله عليه وسلم - ثم استعبر فبكى ثم عاد فقال حدثني خليلي - صلى الله عليه وسلم - نبي الله أبو القاسم ثم
استعبر فبكى ثم قام ".
وقد وصف أبو إسحاق السبيعي تنظيم الحلقة العلمية في مجلس الصحابي البراء بن
عازب فقال: "كنا نجلس عند البراء بعضنا خلف بعض "، وهو نص يشير أيضا إلى سعة
الحلقة.
خصوصية طلب العلم في المسجد النبوي:
مما جاء في فضل طلب العلم في المسجد النبوي خاصة الحديث الصحيح حيث قال
- صلى الله عليه وسلم -: "من راح إلى مسجدي هذا لعلم يعلمه أو يتعلمه كان كمن غزا في سبيل الله ومن
راح لغير ذلك كان كمن ينظر إلى متاع غيره "، فهذا نص على تخصيص هذا المسجد
الشريف بفضيلة طلب العلم عما سواه من المساجد حتى يرتفع طلب العلم إلى مستوى
الغزو في سبيل الله.

الصفحة 22