كتاب معلمو المسجد النبوي الشريف

"ومن كبريات فضائل طلب العلم في المسجد النبوي وخصائص قوله صلى الله عليه
وسلم في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا
يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة "، ولسنا في معرض إثبات أو تعيين من هو؟ ومتى
هو؟ فقد أكثروا النقاش والأكثرون على أنه مالك بن أنس، ويهمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثبت أن
عالم المدينة يوشك أن تضرب الناس إليه أكباد الإبل سواء كان - صلى الله عليه وسلم - يقصد شخصا معينا
مالكا أو غيره أو يقصد الإخبار عن جنس العلماء ويقارن بين علماء الأمصار ويخبر
الناس أنهم لا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة أيا كان شخصه أو أيا كان وقته" (1).
ويقول فضيلة الشيخ عطية محمد سالم في فضل طلب العلم في المسجد النبوي: "إن
أول ما يحسه طالب العلم حينما يكون في المسجد النبوي أثناء تلقيه حديث رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فيقرأ ويسمع شيخه يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فينظر عفوا وتلقائيا إلى الحجرة
النبوية الشريفة، فيقفز إلى ذهنه ذلك التاريخ المشع بالأنوار المحمدية، وتتراءى له
صورة مجيئ جبريل عليه السلام بالوحي ويغدو كأنه ينظر إلى تلك الأقمار الزاهرة في
الوجوه النيرة لأصحاب رسول الله! ي! ملتفين حوله مصغين إليه يستوعبون ما يقول
ويفقهون حديثه، وإذا ورد في الحديث ذكر اثار المسجد كما في حديث التأمين ثلاثا حين
صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال امين ثم صعد درجة فقال امين ... وهكذا فسألناه علام
كنت تؤمن يا رسول الله. . . الحديث، فعند ذكر صعوده - صلى الله عليه وسلم - المنبر تكاد تجدك تلمس المنبر
وتتحسس صعوده ويكاد رنين آمين ينفذ إلى قلبك وتحسه يمر بأذنك. . . هكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -
ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، تذهب في خطوات متئدة وأحاسيس
__________
(1) عطية محمد سالم، من علماء الحرمين، ج 8، ص 16.

الصفحة 23