كتاب معلمو المسجد النبوي الشريف

مفعمة إلى تلك الروضة ترفرف روحك بأرجائها وتتنسم أريج عبيرها. إن هذا
الإحساس وهذا الشعور لهو أهم وأعظم فضل لطلب العلم في المسجد النبوي" (1).
المسجد النبوي يواصل المسيرة:
استمرت وانتشرت حلق العلم زمن الصحابة رضي الله عنهم وزادت في أواخر عهد
الصحابة رضي الله عنهم وكذلك في أيام التابعين مثل عبد الله بن عمر وسالم وعروة بن
الزبير وزمن أصحابهم كعبد الله بن اًبي نجيح وابن كثير المقري والفقهاء السبعة
وغيرهم. قال الشاعر:
ألا كل من لا يقتدي بأئمة فقسمته ... ضيزى عن الحق خارجة
فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سمليمان خارجة
ويذكر الذهبي: "أن العلم كان وافرا بها زمن التابعين: كالفقهاء السبعة وزمن صغار
التابعين ثم الإمام مالك ومقرئيها الإمام نافع، وإبراهيم بن سعد وسليمان بن بلال،
وإسماعيل بن جعفر. ثم تناقص العلم في الطبقة التي بعدهم" (2).
كانت حلق العلم في المسجد النبوي بمنزلة نظام التعليم العالي في وقتنا الحاضر،
وكانت كل طوائف المجتمع حريصة على الإقبال على العلم حتى المجتهدين والعلماء
وعلية القوم منهم كانوا يقبلون على تلك الحلقات، ولشهرة بعض هذه الحلق كان
طلاب العلم يؤمونها أكثر من غيرها من كافة البقاع. وكانت حلقة نافع بن عبد الرحمن
القارئ في المسجد النبوى من أشهر الحلقات يومئذ في قراءة وتعلم كتاب الله، ولذلك
__________
(1) المرجع السابق.
(2) د. عبد الرحمن المزيني، الحياة العلمية في مكة والمدينة خلال القرنين السابع والثامن الهجري.

الصفحة 24