كتاب شرح المنظومة البيقونية ليوسف جودة

مثال الْمَوقُوف الفِعْلِيّ: كإِنْكَار كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الأَنْصَارِيّ - رضي الله عنه - عَلَى مَنْ خَطَبَ قَاعِدًا.
وبُكَاءُ عَمْرو بْن الْعَاصِ، فعَنِ ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، قَالَ: حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ - رضي الله عنه -، وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ، يَبَكِي طَوِيلا، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ. (¬1)
وأما قَوْلُ النَّاظمِ: وَمَا لِتَابِعٍ هو الْمَقْطُوع: أي أَنَّ حَدَّ الحديث الْمَقْطُوع هو كُلُّ مَا أُضِيفَ إِلَى التَّابِعِي أو من دونه سواء كان قولاً أو فعلاً فَهُو الْمَقْطُوع (¬2)، والتَّابِعِيّ هُوَ مَنْ رَأَى الصَّحَابِي وَلَمْ يَرَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا الحدّ خَرَجَ الْمَرْفُوع والْمَوقُوف. (¬3)

مثال الْمَقْطُوع القَوْلِي: أَنْ يَقُولَ الرَّاوِي قَالَ سَعيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: كذا وكذا، وكَقَولِ الزُّهْرِيّ: " ثمَّ كَانَ الأَمر عَلَى ذَلِك فِي خلافَة أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِن خِلافَةِ عُمَر". وقَول يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: "لا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجَسَدِ"، المقصود أنَّ السَّنَد انتهى عند التَّابعي، وأضيف الكلام له وليس لغيره.
مثال الْمَقْطُوع الفِعْلِيّ: أَنْ يَقُولَ الرَّاوِي فِي مَسَائلٍ تخص العبادات مثلاً: كان قَتَادَة يفعل كذا وكذا، أوكَانَ الْحَسَنُ البَصْرِيّ يفعل فِي الصَّلاةِ كذا وكذا، كُلّ هذه الأمثلة للحَدِيثِ الْمَقْطُوعِ؛ لأنَّ هؤلاء المذكورين من جملة التَّابعين.
¬__________
(¬1) الجامع الصحيح، لمسلم بن الحجاج النيسابوري (ت: 261 هـ)، كتاب الإيمان، بَاب كَوْنِ الإِسْلامِ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (1/ 112)، برقم (121).
(¬2) بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ اسْتَخْدَموا الْمَقْطُوع بِمَعْنَى الْمُنْقَطِع، مِثْل الإِمَام الشَّافِعِيّ، والطَّبرانيّ، وابن عبدالبر - رَحِمَهُم اللهُ- ولَيْسَ هَذَا هو الْمَشْهُور عِندَ أَهْل الفَنِ، ولكن لا مَشَاحَةَ فِي الاصطلاح.
(¬3) مقدمة ابن الصلاح، (ص 51).

الصفحة 27