كتاب شرح المنظومة البيقونية ليوسف جودة

يَحْتَملُ تَفَرُّده، يَعْنِي لا يبلغ من العَدَالةِ والضَّبطِ مَبْلَغَ مَنْ يُقْبَل تَفَرّده بل هُوَ قَاصِر عَن ذَلِك.

ومثاله: مَا أخرجه ابنُ ماجه في السنن فقال: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنهم -، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ، كُلُوا الْخَلَقَ بِالْجَدِيدِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَغْضَبُ، وَيَقُولُ بَقِيَ ابْنُ آدَمَ، حَتَّى أَكَلَ الْخَلَقَ بِالْجَدِيدِ». (¬1)، فِي إسْنَادِهِ أَبُو زَكَريَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ ضَعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ وغيره، وقَد تَفَرَّد بهذا الْحَدِيثِ فَصَارَ الْحَدِيثُ مُنْكَرًا.
فَائِدةٌ دَقِيقةٌ:
ويُقَابل الْمُنْكَر الْمَعْرُوف وَهُوَ مَا يُخَالفُ فِيهِ الثِّقة الضَّعِيف، وَاعْلَم أَن الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَاده أَنَّ الْمُنكر والشَّاذّ يَشْتَرِكَانِ فِي مُسَمّى الْمُخَالفَة ويَفْتَرِقَان فِي أَنَّ الْمُنكر رِوَايَة الضَّعِيفِ أَو الْمَسْتُور، والْحدِيث الشَّاذّ رِوَايَة الثِّقَةِ أَو الصَدُوقِ.

الْحديثُ الْمَتْرُوكُ:
ثم انتقل النَّاظمُ رَحِمَهُ الله إلى مَبْحَثٍ آخر وهو الحديث الْمَتْرُوك فَقَالَ:
31 - مَتْرُوكُهُ مَا وَاحِدٌ بِهِ انْفَرَدْ ... وَأَجْمَعُوا لِضَعْفِهِ فَهْوَ كَرَدْ

قَوْلُهُ: مَتْرُوكُهُ أي مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، والْمَتْرُوك: هو الْمَهْجُور لُغَة، وفِي الاصطلاح: مَا وَاحِدٌ بِهِ انْفَرَدْ وَأَجْمَعُوا لِضَعْفِهِ، أَي مَا انْفَرَدَ بِهِ ضَعِيفٌ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ مِن النُّقاد، لتهمته بِالْفِسْقِ أَو لِغَفْلَتِه أَو لِكَثْرَةِ الْوَهم؛ أَو لكَونه عُرِف
¬__________
(¬1) السنن، لابن ماجه، كِتَابُ الأَطْعِمَةِ، بَابُ أَكْلِ الْبَلَحِ، بِالتَّمْرِ، (2/ 1105)، برقم (3330).

الصفحة 62