كتاب الإنباء في تاريخ الخلفاء

السيرة عادلا في الرعية، يعود المرضى، ويشيّع الجنائز ويأخذ مال الله من وجهه ويصرفه في حقه. وكان عمر بن الخطاب- رضوان الله عليه- جده لأمه. وكان قبل خلافته يلبس الحلة بألف دينار ويقول: ما أخشنها، وحين ولى الخلافة كان قميصه وعمامته وجميع ما يكون على بدنه من ثوب واحد خشن وتحته جبّة صوف تلاقى جلده على بدنه ويقول: هذا لمن يموت كثير. وبعد وفاته رئي في المنام وهو على حالة حسنة وعليه ثياب فاخرة وهو جالس في روضة نزهة فقال له الرائي له في المنام: يا أمير المؤمنين قل لي ما أعيده عنك إلى أهلك ورعيتك. فقال له عمر: قل لهم: «لمثل هذا فليعمل العاملون» [6 ب] ثم تلا بعد ذلك قول الله تعالى: «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» . 28: 83 وكان بنو أميّة كلهم يلعنون عليّا- صلوات [الله] عليه وسلامه- على المنبر فمذ ولّى عمر بن عبد العزيز قطع تلك اللعنة وبقيت هذه السنة بعده إلى اليوم «35» . ومات بدير سمعان لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة، وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام- رضى الله عنه وقدس روحه-.
يزيد بن عبد الملك،
بويع له لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة، وتوفى يوم الخميس لخمس بقين من شعبان سنة خمس ومائة. فكانت خلافته أربع سنين وشهرا واحدا.
هشام بن عبد الملك،
أبو الوليد، ويعرف بهشام الأحول، بويع له بالخلافة في رمضان سنة خمس ومائة وكانت وفاته لعشر خلون من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة، وكانت خلافته تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وخمسة عشر يوما.
الوليد بن يزيد بن عبد الملك،
كنيته أبو العباس، بويع له في جمادى الأولى سنة خمس وعشرين ومائة. وحين بلغته وفاة هشام كان يقرأ في المصحف فوضعه من يده وقال: هذا فراق بيني وبينك «36» ثم قال: والله لأتلقين هذه النعمة بسكرة قبل الظهر فأخذ رطلا وشربه وثنّى وثلّث حتى سكر ونام، وكان فاجرا [7 أ] فاسقا

الصفحة 51