كتاب الطب النبوي لابن طولون
ولبن الضأن أغلظ الألبان وأرطبها يولد فضولاً بلغمية ويحدث في الجلد بياضاً إذا أدمن استعماله، ولذلك ينبغي أن يشاب هذا اللبن بالماء ليدفع ضرره عن البدن.
وقال الذهبي: اللبن الحليب حار رطب والحامض بارد يابس، وأفضل الحليب لبن الشاة مشروباً من الضرع، وكل لبن بعد عهده من الحلب أو تغير طعمه فهو رديء، ولذلك وصفه الله بقوله: {لم يتغير طعمه} وكل حيوان تطول مدة حمله على حمل الإنسان فلبنه رديء، واللبن يعدل الكيموسات ويزيد في المني ويهيج الباه ويطلق البطن ويزيد في الدماغ، وفيه نفخ، والإكثار منه يولد القمل وبالسكر يسمن ويسكن الحكة العارضة في الجلد والجرب ويقوي القلب، وكل لبن فهو ردي للأحشاء يسدد خاصة الكبد إلا لبن اللقاح، ولذلك هو نافع من نوعي الاستسقاء.
فعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قدم ناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا راعى النبي صلى الله عليه وسلم - رواه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وفي رواية المسلم: قدم رهط – والرهط من ثلاثة إلى تسعة فقيل هؤلاء كانوا ثمانية.
واجتوى: استوخم والجوى: داء في الجوف، وعكل وعرينة: بطن من بجيلة، واللقاح: النوق ذات اللبن فهؤلاء أصابهم الاستسقاء، وسببه مادة باردة تتحلل الأعضاء فتربوبها وهو لحمي ومائي وطبلي، وفي لبن اللقاح جلاء وتليين وإدراك وإسهال لمائية الاستسقاء، لأن أكثر رعيها الشيح والأذخر والبابونج وغير ذلك من أدوية الاستسقاء. وفي حديث قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رهطاً من عرينة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا اجتوينا المدينة فعظمت بطوننا – الحديث رواه الشيخان. وهذا العلاج من أحسن ما يكون وأنفعه ليس دواء لهذا
الصفحة 225
406