كتاب الطب النبوي لابن طولون

واعتبار مقاديرية الأدوية وكيفياتها ومقدار قوة المرض والمريض من أكبر قواعد الطب
وفي قوله: صدق الله وكذب بطن أخيك إشارة إلى تحقيق نفع هذا الدواء وإن بقاء الداء ليس لقصور الدواء في نفسه ولكن لكذب البطن وكثرة المادة الفاسدة فيه فأمره بتكرار الدواء لكثر المادة.
وليس طبه صلى الله عليه وسلم كطب الأطباء فإن طب النبي صلى الله عليه وسلم متيقن قطعي إلا هي صادرة عن الوحي, ومشكاة النبوة. وطب غيره أكثر حدس وظنون وتجارب, ولا ينكر عدم الانتفاع كثير من المرضى بطب النبوة, فإنه إنما ينتفع به من تلقاه بالقبول واعتقاد الشفاء به وكمال التلقي له: بالإيمان والإذعان فهذا القرآن -الذي هو شفاء لما في الصدور- إن لم يتلق هذا التلقي- لم يحصل به شفاء الصدور من أدوائه بل لا يزيد المنافقين إلا رجساً إلى رجسهم وإلا مرضاً إلى مرضهم. وأين يقع طب الأبدان منه فطب النبوي لا يناسب إلا الأبدان الطيبة كما أن شفاء الصدور القرآن لا يناسب إلا الأرواح الطيبة, والقلوب الحية. فإعراض الناس عن طب النبوة كإعراضهم عن الاستشفاء بالقرآن الذي هو الشفاء النافع وليس ذلك لقصور في الدواء, ولكن لخبث الطبيعة وفساد المحل وعدم قبوله - انتهى.
وقال بعض العلماء: ليس هنا عموم لأن الناس لفظ صادق على البعض وشفاء نكرة في سباق الإثبات فلا تعم.

الصفحة 269