كتاب الطب النبوي لابن طولون

قال الموفق: هذه الأحاديث في الحميات المحرقة التي ليس معها ورم في بعض الأعضاء وقوة المريض مستظهرة والصفراء في غليانه وقد أخذ في الضيج فجالينوس سقى الماء البارد في هذه الحميات فتطفئ حماه في الوقت ويبرأ بإذن الله وكثيراً ما تعرض هذه الحميات التي يوافقها الماء البارد في أرض الحجاز وفي كل بلد حار يابس وكثيراً ما يستعمل الاغتسال في حميات يوم فيكون ذلك سبب الشفاء – انتهى.
وقال ابن القيم: الاغتسال ينفع فعله في الصيف في البلد الحار في الحمى العرضية أو الغب التي لا ورم معها، ولا شيء من الأعراض الرديئة، والمواد الفاسدة – فيطفئها بإذن الله تعالى لا سيما في أحد الأيام المذكورة في الحديث، وهي الأيام التي يقع فيها بحران الأمراض الحارة كثيراً لا سيما في البلاد المذكورة لرقة أخلاط سكانها وسرعة انفعالهم عن الدواء النافع – انتهى.
وقال الذهبي: قال الأطباء: شرب الماء البارد في الحميات عند ابتدائها يضعفها ويوهي قوتها.
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً: الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء – رواه الشيخان.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً: أن الحمى من فيح جهنم فأطفئوها عنكم بماء زمزم – رواه البخاري.
قوله: أبردوها بالماء – هذا خطاب لأهل الحجاز أي أكسروا حرها ووهجها به، وفيح جهنم حرها وغليانها.

الصفحة 281