كتاب الطب النبوي لابن طولون

وأما قوله بماء زمزم إما لخاصية فيه فإن المياه تختلف باختلاف أراضيها، أو من جهة التبرك [به] من قوله: ماء زمزم لما شرب له.
قلت: أجمع الأطباء أن الماء أنفع شراب المحمومين حمى حارة لشدة لطافته وسرعة نفوذه وخفته على الطبع، وقد يحتاج الماء في بعض الأحوال إلى ما يقوي تبريده فيضاف إليه الثلج أو إلى قوة تنفيذه فيضاف إليه الخل وإلى ما يرطبه ويوصله إلى متون الأعضاء ويضاف إليه السكر، وقد يصلح الخل بالسكر والسكر بالخل، ويسمى شراب السكنجين وهو أنفع شراب للحمى المادية لتقطيعه وتفتيته، وذلك أن الحميات أجناس منها حمى يوم وتزول في الغالب فيه وتمتد إلى ثلاثة أيام، فإن –تعلقت- بأخلاط سميت عفنة وإن تعلقت بالأعضاء الأصلية سميت حمى دق.
وربما كانت الحمى منضجة للأخلاط [الغليظة] وقد تبرئ الفالج ومحل القولنج وغير ذلك.
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: ذكرت الحمى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبها رجل فقال: لا تسبها فإنها تنقي الذنوب كما تنقي النار خبث الحديد - رواه ابن ماجه وغيره.
وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أم السائب أو أم المسيب قال: ترفرفين قالت: الحمى لا بارك الله فيها قال: لا تسبيها فإنها تذهب الخطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد, رواه الترمذي والرفرفة: الانتقاض.
وعن الحسن أنه قال: إنه ليكفر عن العبد ذنوبه بحمى ليلة, فقد صارت الحمى تنفع الأبدان والأديان فلذلك نهى صلى الله عليه وسلم عن سبها.

الصفحة 282