كتاب الطب النبوي لابن طولون

وقال ابن قتيبة: إنه قد يسقم من قارب المجذوم بالرائحة لا بالعدوى وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: إن هذا نسخ بقوله: ((لا عدوى)) وقوله: وفر من المجذوم أمر على سبيل الإباحة أي إذا لم تصبر على الأذى يفر منه والرائحة هي أحد أسباب العدوى وكله بقدر [الله تعالى] التنبيه.
ذكر الجدري
البثور جمع بثرة، وهي نوع غير الجدري والحصبا والحميقا، فإن الجدري مادة الدم.
وأما الحصبا فهي من المرة الصفراء والحميقا متوسطة بينهما.
والجدري أنواع كثيرة، فمنه ما لونه أبيض، ومنه ما لونه أحمر، ومنه ما لونه أصفر، ومنه ما لونه بنفسجي وأخضر وأسود فخيره الأبيض لدلالته على قوة الطبيعة كالخال في المدة البيضاء والزيتون الأبيض، والأحمر دونه، والأصفر دونه، والبنفسجي والأخضر والأسود فردي جداً، والقليل العدد أسلم وكذلك الكبير الحجم لأنه أدل على مطاوعة المادة وعلى قوة الطبيعة وذلك إذا لم يكن مضاعفاً أعني أن لا تكون واحدة وأخرى طالعة في جانبها وأما الكثير العدد والصغير فردي وأسلم ما ابتدئ خروجه في اليوم الثالث أو ما يقارب منه والبطى الخروج ردي لدلالته على قوة المادة وعجز الطبيعة والذي يظهر تارة ويفور تارة أخرى فمخوف والذي يسهل نضجه وفسليم وبالضد، والذي هو في شكله ذو أضلاع ردي، والمستدير سليم، والذي يظهر منه في البطن والصدر سليم وإن كان في الصدر أكثر فردي لدلالته على عدم مطاوعته المادة للاندفاع إلى الأطراف، والذي يظهر في الأطراف خير من الذي يظهر في الوجه والرأس والذي يقل معه الكرب والحمى فسليم وبالضد، والذي تعرض الحمى قبله أسلم من الذي يعرض قبل الحمى، ومتى كان النفس جيداً كان سليماً، ومتى تواتر النفس فردي، ومتى تواتر معه العطش فهو من الهالكين، ومتى بال دماً أو بولاً أسود فهو منهم أيضاً.

الصفحة 291