كتاب الطب النبوي لابن طولون

قال ابن قتيبة: مسداناة الوباء والمرض، وقوله: فلا تخرجوا فراراً منه إيثاراً للتوكل والتفويض.
وقيل: إنما حذر صلى الله عليه وسلم من الانتقال إليه لأن الانتقال بغير المزاج ويضعف القوى بدليل قول عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال – الحديث. فإذا ضعف المزاج وتغيرت القوى كان تأثير الهوى الوبى فيه أسرع.
ونهى عن الخروج منه لأن مثل هذا الداء العظيم إذا وقع بأرض أضعف الأبدان وأثر فيها، وقد ثبت أن الانتقال يضعف الأبدان أيضاً فتضاعف البلية فلذلك نهى عنه.
وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون؟ فأخبرني أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء وإن الله تعالى جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون في بلده فيمكث صابراً محتسباً يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان مثل أجر شهيد –رواه البخاري.
وقيل: سببه تعفن في الهواء يشبه تعفن الماء المستنقع الأجن، إما عن أسباب أرضية كالمقاتل إذا لم تدفن، أو من أسباب سماوية مثل قلة المطر وكثرة الشهب والرجوم فإذا تعفن الهواء عفن الأخلاط ويعم أكثر الخلق وهو أكثر الناس امتلاء.
وقيل: مات منه في ساعة عشرون ألفاً من بني إسرائيل، وقيل سبعون ألفاً، ولعلهم أول من عذب به، ويقال ما فر أحد من الطاعون فسلم. وفي قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت}، أي الطاعون.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه: كانوا أربعة ألاف هربوا من الطاعون فماتوا فدعا لهم نبي من الأنبياء عليهم السلام فأحياهم الله تعالى.

الصفحة 307