كتاب الطب النبوي لابن طولون

وشكى ذلك أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه فقال: عد المرضى وشيع الجنائز وزر القبور, ونحو ذلك ما قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم أتلوى من وجع فقال: أشكم درد قلت: نعم يا رسول الله قال: قم فصل فإن الصلوة شفاء - رواه الترمذي وهذه لفظة فارسية معناها أبك وجع البطن, فأشكم: البطن. ودرد: وجع قال العلماء: في هذا الحديث فائدتان.
أحدهما أنه صلى الله عليه وسلم تكلم بالفارسية. والثانية: أن الصلوة قد تبرئ من وجع الفؤاد والمعدة والمعا, ولذلك ثلاث علل الأولى أمر إلهي حيث كانت عبادة والثانية أمر نفسي وذلك أن النفس تشغل بالصلوة عن الألم ويقل إحساسها به فتستظهر القوة على الألم فتدفعه.
والماهر من الأطباء يعمل كل حيلة في تقوية القوة, فتارة يقويها بالأغذية, وتارة بتحريك السرور والفرح, وتارة بالرجا, وتارة بالحياء, وتارة بالخوف, والصلوة قد يجمع أكثر ذلك إذ يحمل للعبد فيها من الخشية والخوف والرجاء والحياء والحب وتذكرة الآخرة ما يقوء قوته ويشرح صدره فيندفع بذلك مرضه.
ويروى عن بعض ولد علي رضي الله تعالى عنه أنه كان به خراج فلم يمكنهم فأمهله أهله حتى دخل في الصلوة ثم تمكنوا منه فلم يكترث لاستغراقه في الصلوة.
وكان أبو أيوب يأمر أهله إذا كان في البيت بالسكون فإذا قام إلى الصلوة أمرهم بالكلام: وكان يقول لهم إني لا أسمع كلامكم وأنا في الصلوة وأنهم حائط المسجد وهو في الصلوة فلم يلتفت. وفي الصلوة أيضاً أمر طبيعي وهو رياضة النفس ورياضة الجسد، لأنها جامعة بين قيام وركوع وسجود واستكانة وجمعية وإخلاص وعبادة وخضوع وذلة، وغير ذلك من الأشياء التي يتحرك معها مفاصل البدن وتلين بها أكثر الأعضاء لا سيما المعدة والأمعاء وما أقوى معونتها على دفع الأخبثين وحدر الطعام من المعدة.

الصفحة 314