كتاب الطب النبوي لابن طولون

صفة أخرى قيل: إن ذا النون مر يوماً ببعض الأطباء وإذا حوله جماعة من الناس رجال ونساء وفي أيديهم قوارير الماء وهو يصف لكل منهم ما يوافق مرضه قال: فدنوت منه فسلمت عليه ورد فقال له: يرحمك الله, صف لي دواء الذنوب فأطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال: إذا وصفت لك الدواء تهتم به وتفهمه عني قلت: نعم إن شاء الله تعالى, قال: خذ عروق الفقر مع ورق الصبر مع هليلج التواضع مع بليلج الخشوع وهندي الخضوع وبسفائح النقي ورواند الصفاء وغاريقون الوفاء ثم ألقه في طنجير العصمة وأوقد تحته نار المحبة حتى يرغى زبد الحكمة, فإذا أزبد [الحكمة] صفه بمنخل الذكر ثم صبه في جام الرضا, وروحه بمروحة الحمد حتى يبرد, فإذا برد فاشربه, ثم تمضمض بعده بالورع, فإنك لن تعود لمعصية أبداً -إن شاء الله تعالى- إن من عد غداً من أجله وتمادى جاهلاً في أهله لم يقدم صالحاً من عمله فعالج قلبك بهذه الأدوية كما تعالج جسدك بها تفز بالعافية التامة الكاملة في الدنيا والآخرة - انتهى.
ذكر فضل المريض وعيادة المرضى
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصيب المؤمن وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم بهم وحتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه.
وأخرج مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه مرفوعاً: قال: الحمى تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد.

الصفحة 316