كتاب الطب النبوي لابن طولون

الدينية، ويستحضر أن هذا آخر أوقاته من الدنيا، فيجتهد على ختمها بخير ويبادر إلى أداء الحقوق ورد الودائع والعواري واستحلال أهله وولده وغلمانه وجيرانه وأصدقائه، ومن كان بينه وبينه معاملة ويكون شاكراً لله راضياً حسن الظن بالله أن يرحمه ويغفر له، وأن لله غنى عن عذابه وعن طاعته ويطلب منه العفو والصفح ويستقرئ آيات الرجاء وأحاديث الرجا وأثار الصالحين، ويوصي بأمور أولاده.
ونقل الشيخ الموفق في معناه عن سعيد بن منصور عن فضيل بن عياض عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أوصى به فلان أنه يشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون - انتهى.
ويحافظ على الصلوات ويجتنب النجاسات ويحذر من التساهل في ذلك فإن أقبح القبائح أن يكون آخر عهده من الدنيا التفريط في حقوق الله تعالى، أنه لا يقبل قول من يخذله في ذلك فإن هذا قد يبتلى به، ويستحب أن يوصي أهله بالصبر عليه في مرضه بالصبر على مصيبتهم، ويجتهد في وصيتهم بترك البكاء عليه، ويقول لهم: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه فإياكم يا أحبائي والسعي في أسباب عذابي، وأن يتعاهدوا بالدعاء وأن يجتنبوا رفع الصوت بالقراءة وغيرها في جنازته، وإذا حضره النزع فليكثر من قول لا إله إلا الله ويقول لهم: إذا أهملت فنبهوني بلطف.
قال صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة – رواه أبو داود وقال لقنوا موتاكم لا إله إلا الله – رواه مسلم.
فإن عجز عن القول لقنه من حضره برفق مخافة أن يضجر فيردها: فإذا قالها مرة لا يعيدها عليه إلا أن يتكلم بعدها كلاماً آخر ويكون الملقن غير متهم لئلا

الصفحة 322