كتاب الطب النبوي لابن طولون

ذكر السماع
أخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً: زينوا القرآن بأصواتكم. زاد البزار: فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً: ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به - أذن: أي استمع ويتغنى أي يتلو بلحن طيب.
قال الذهبي: السماع هو طيب الأنفس وراحة القلوب وغذاء الأرواح, وهو من أجل أنواع الطب الروحاني وسبب السرور حتى لبعض الحيوانات, والسرور المعتدل يذكي الحرارة ويقوي أفعال القوى ويبطئ الهرم ويدفع أمراضاً ويحسن ويخصب البدن كما أنه كم كثر سقمه – رواه أبو نعيم في الطب النبوي عن رسول الله.
وتزداد فوائد السماع معاني المسموع قال تعالى: {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} وجاء في قوله تعالى: {يزيد في الخلق ما يشاء} وقد قرئ شاذا بالحاء المهملة. وسئل ذو النون عن السماع؟ فقال: وارد حق يزعج القلوب إلى الحق وسئل عن الصوت الطبيب؟ فقال: مخاطبات وإشارات أودعها الله تعالى كل طبيب.
وكان عبد الله بن جعفر مولعاً بالسماع. وقيل للزهري: تكره السماع قال: نعم إذا كان غير طيب, وإنما المنكر اللهو واللعب في السماع, ولما حدا ابن رواحة في بعض طرق المدينة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: رفقاً بالقوارير أي رفقاً بالنساء لئلا يفتتن بصوتك.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود.
وحكى أن أعرابياً كان له عبد طيب الصوت فحدا لإبل وهي مثقلة فقطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم واحد فلما وصلت تبطحت وماتت.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أنجشة رويدك سوقاً بالقوارير إذ كان يحدو فهذه الإبل أثر فيها الصوت الطيب دون فهم المعاني فما ظنك بالصوت الشجي مع نغمات رائقة

الصفحة 326