كتاب الطب النبوي لابن طولون

يسمعه أهل الذوق والمعرفة وترى المضرار والشحرور يلقى نفسه على الأماكن التي فيها سماع مطرب.
[قال الذهبي] ثم السماع منه: محرم ومنه: واجب ومنه: مباح ومنه: مستحب ومنه: مكروه, فالمحرم سماع غنا الصبية المليحة الأجنبية التي يخاف منها الفتنة, وقد يباح صوتها في العرس, ولا يخلو من كراهة وكذلك صوت الأمرد المليح وهو أشد تحريماً فإذا أضيف إلى ذلك دفوف وشبابات تأكد التحريم, ومحل السماع بهما للنهي لا لعرس ونحوه فهذا محرم ولا يكاد يوجد إلا محفوفاً بمحرمات عدة من تبذير الدراهم, وذلك محرم من الاستيجار لفعله وهو محرم, ومن أن غالب من يغنى فسقة أراذل, ومن أن المجلس يحضره مردان ولاطة عشاق وفساق وترقص الملاح فتتحرك الشهوة, فينبغي لك أن تجتنب حضور ذلك جملة.
الواجب منه وهو سماع القرآن في الفرائض فما أنفعه من إمام خاشع قانت لله طيب الصوت يصير بالتجويد وأنى يوجد ذلك.
والمباح سماع الحداء الطيب وسماع الشعر وسماع التسبيح وسماع غنا المرأة لزوجها والجارية لمالكها, وسماع النساء اللاتي لا يوصفن بملاحة كليلة العرس, وفي العيد ونحو ذلك, وسماع الرجل الذي يغني لأصحابه ينشد أبياتاً ملحنة, وهو وسيلة ولكن يصير مكروهاً إذا كثروا من ذلك واتخذوه عادة.
والمستحب له صور منها جماعة يقرأ لهم قارئ طيب الصوت بتلحين سائغ وهم يتلذذون بصوته وبكلام ربهم ويتدبرونه ويخشعون أو يبكون ويقرأ لهم أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بما ثبت عنه في الرقائق ونحوها الإكثار من ذلك حسن ومن الصور المستحب رجل صالح له صوت مطرب ينشد أبياتاً ملحنة موزونة الضرب في الخوف والزهد والحزن على البطالة والبعد عن جناب الحق والسامعون أبرار أخيار متقون ينشطهم ويعقبهم ذلك إقبالاً على التوبة والإنابة والعبادة, وهذا مستحب بشروط أحدها أن يعمل ذلك في الشهر أو الشهرين ساعة ونحوها, ثانيهما أن يسلم من وجد يغيب العقل رابعهما أن يسلم من دعوى وشطح ومن اعتقاده عبادة لذاته إلى غير ذلك مما يخرجه الاسحاب إلى المعصية أو الكراهة. وأما المكروه فالإكثار من حضور السماع بالكف والدف, وأما حضوره بالشبابة فإنه متوقف في

الصفحة 327