مَحَلّ النِّيَّة
بالتأمل في تعريفات العلماء للنية يظهر لنا أنَّ محل النية عندهم القلب، فقد عرَّفها بعضهم بأنَّها "عزيمة القلب"، أو "وجهة القلب"، أو "قصده"، أو "انبعاثه" (¬1).
وقد نقل ابن تيمية اتفاق علماء الشريعة على أنَّ القلب محل النية (¬2)، وحكى السيوطي أنَّ الشافعية قد أطبقوا على أن النيّة محلها القلب وهو قول مالك رحمه الله (¬3).
والذي جعلهم يذهبون هذا المذهب أنهم وجدوا كتاب الله ينسب العقل والفقه والإِيمان والزيغ ونحو ذلك إلى القلب. كما قال تعالى: {أَفلمْ يسيِرُوا في الَأرْض، فتكُون لهُمْ قُلُوب يعْقلونَ بِهَا} (¬4)، وقال: {وطُبع علَى قُلُوبهمْ فهُمْ لا يَفقَهُون} (¬5)، وقال: (أولئك كتب في قُلُوبِهِمُ الإيمَان} (¬6)، وقال: {فَلَمَّا زَاغُوا أزاغَ الله قُلُوبهُمْ} (¬7).
والقلب الذي عناه الله تعالى في هذه الآيات محله الصدر، وقد نصّ الله -تعالى- على ذلك: {وَلكِن تَعْمى الْقُلُوبُ الَّتي فِي الصدُورِ} (¬8).
¬__________
(¬1) سبق ذكر هذه التعريفات في المقدمة ص (20).
(¬2) مجموع الفتاوى (18/ 262).
(¬3) منتهى الآمال (17/ أ) الحدود في الأصول (ص 34).
(¬4) سورة الحج / 46.
(¬5) سورة التوبة / 87.
(¬6) سورة المجادلة / 22.
(¬7) سورة الصف / 5.
(¬8) سورة الحج / 46.