كتاب مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين

وقت نية الزكاة
في وقت نية الزكاة وجهان مشهوران:
أحدهما: تجب النية حال الدفع إلى الإمام أو الأصناف، ولا يجوز تقديمها عليه كالصلاة، وقال بهذا جمع من فقهاء الشافعية والأحناف.
ثانيهما: يجوز تقديمها على الدفع للغير قياسا على الصوم، لأن القصد سدّ خلَّة الفقير، وبهذا قال أبو حنيفة، وعليه عامّة أصحابه، يقول صاحب التحفة: "قال مشايخنا: يعتبر أحد الوقتين: وقت الدفع، أو وقت تمييز قدر الزكاة عن النصاب، حتى يكون الأداء بناء على نية صحيحة" (¬1).
وهذا القول ظاهر نصّ الشافعي في الكفارة، قال النووي: "والكفارة والزكاة سواء" (¬2)، وأخذ بقول الشافعي ما لا يحصى من فقهاء المذهب كالرافعي (¬3) والبندنيجي وابن الصباغ والنووي وغيرهم.
وأجاز فقهاء الحنابلة تقديمها بزمن يسير كالصلاة، ويقرر فقهاء الحنابلة والمالكية أنَّه يجوز تقديم نية الزكاة عندما يوكل ربّ المال غيره في دفع الزكاة (¬4).
والمقارنة وجواز تقديم النيّة بالزمن اليسير مذهب قويٌّ.
¬__________
(¬1) تحفة الفقهاء (1/ 480).
(¬2) المجموع (6/ 187).
(¬3) هو عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم، أبو القاسم الرافعي، القزويني، من كبار فقهاء الشافعية، يتصل نسبه برافع بن خديج الصحابي، توفي بقزوين (623 هـ)، له (المحرر) في الفقه، و (فتح العزيز في شرح الوجيز).
(¬4) التوضيح (89)، الذخيرة (1/ 243).

الصفحة 169