كتاب مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين

ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن عبد الله بن عمر (¬1) عن حفصة (¬2)، قالت؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له" (¬3).
وقد اعترض الأحناف على الحديث باعتراضات عدة:
1 - أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة (¬4)، وهذا الذي ذكروه من ضعف الحديث قاله جماعة من الحفاظ، فضعفوا رفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ورجحوا أن الحديث موقوف.
قال البخاري: هو خطأ، وهو حديث فيه اضطراب، والصحيح عن ابن عمر موقوف.
وقال الترمذي: الموقوف أصح.
وقال النسائي: الصواب عندي أنّه موقوف ولم يصح رفعه.
وجوابنا على ذلك من وجهين:
أ- أن جماعة من الحفاظ حكموا بصحته مرفوعا، منهم ابن خزيمة وابن حبان، وقال الحاكم (¬5) في الأربعين: صحيح على شرط الشيخين.
وقال في المستدرك: صحيح على شرط البخاري.
¬__________
(¬1) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، أسلم مع أبيه وهاجر، راوية مكثر من الحديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم - اشتهر بالحرص الشديد على اتباع السنة، والاجتهاد في العبادة، ولد قبل الهجرة بعشر سنوات وتوفي سنة (84 هـ).
راجع: (خلاصة تذهيب الكمال 2/ 81)، (الكاشف 2/ 112)، (طبقات الحفاظ ص 9).
(¬2) هي أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب، لها في البخاري ومسلم (60) حديثا، ولدت قبل الهجرة بـ (18) سنة، وتوفيت سنة (45 هـ).
راجع: (تهذيب التهذيب 12/ 410)، (خلاصة تذهيب الكمال 3/ 378)، (الكاشف 3/ 468).
(¬3) سنن النسائي (4/ 196).
(¬4) فتح القدير لابن الهمام (2/ 46).
(¬5) هو محمد بن عبد الله بن حمدويه الضبي النيسابوري من أكابر حفاظ الحديث، أخذ عن نحو ألفي شيخ، صنف كتبا كثيرة منها: (تاريخ نيسابور)، (المستدرك على الصحيحين)، وتوفي سنة (405 هـ).
راجع: (تذكرة الحفاظ 3/ 1039)، (شذرات الذهب 3/ 176)، (طبقات الحفاظ ص 409).

الصفحة 180