الله بفعلها بغيره، وهذا الذي سيقت الآيات والأحاديث لبيان تحريمه، وهو مبطل للأعمال، وهو خفي لا يعرفه كل جاهل غبي" (¬1).
وممن ذهب هذا المذهب الحارث المحاسبي، فهو يعدّه شركا محبطا للعمل، يقول في الرعاية: "إرادة العباد بطاعة الله عز وجل وإرادة ثواب الله عز وجل يجتمعان في القلب، والِإرادتان: إرادة المخلوقين، وإرادة الثواب، وهو أدنى الرياء، وهو الشرك بالإرادة في العمل، لأنّه أراد الله والنّاس، فأشرك في عمله بطلب حمد الله -عز وجل- وطلب حمد المخلوقين" (¬2).
وأورد الأحاديث الدالة على أنّ هذا شرك (¬3)، ومنها حديث محمود بن لبيد (¬4) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: "الرياء"، قال: "يقول الله عز وجل لهم يوم يجازي العباد بأعمالهم: اذهوا إلي الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء" (¬5).
وقال رجل لعبادة بن الصامت (¬6): أقاتل في سبيل الله بسيفي أريد الله -عز وجل- ومحمدة المؤمنين، فقال: لا شيء لك، فسأله ثلاث مرات كل ذلك يرد عليه: لا شيء لك، ثم قال في الثالثة: إنّ الله عز وجل يقول: "أنا أغنى الشركاء عن
¬__________
(¬1) تفسير القرطبي 5/ 181.
(¬2) الرعاية ص 136.
(¬3) راجع في هذه النصوص الرعاية ص 136 وما بعدها.
(¬4) هو محمود بن لبيد بن عقبة بن رافع، من بني عبد الأشهل، من الأنصار، من أولاد الصحابة، لا يصح له سماع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، روى عن كبار الصحابة، توفي عام (96 هـ) راجع (خلاصة تذهيب الكمال 3/ 15)، (شذرات الذهب 1/ 112).
(¬5) الحديث عزاه التبريزي إلى ابن ماجة والبيهقي في شعب الإيمان، وقال محقق المشكاة: إسناده ضعيف (مشكاة المصابيح 2/ 686).
(¬6) هو عبادة بن الصامت الأنصاري الخزرجي صحابي موصوف بالورع في شهد العقبة، وكان أحد النقباء، مات بالرملة بفلسطين (34 هـ).
(راجع: تهذيب التهذيب 5/ 110)، (خلاصة تذهيب الكمال2/ 32)، (الكاشف 2/ 64).