كتاب مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين

بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والِإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة" (¬1).
ويعدّ من العبادة أيضا: "حب الله ورسوله، وخشية الله والِإنابة إليه، وإخلاص الدّين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضى بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك" (¬2).
ويتوسع في معنى العبادة فيعد منها كل ما أمر الله به عباده من الأسباب، واستدلّ على ذلك بأن القرآن يقرن العبادة بالتوكل: {فَاعبدْهُ وَتَوَكَلْ عَلَيْهِ} (¬3)، وقال تعالى: {قُلْ هًوَ رَبِّي لَا إلَهَ إلاَّ هوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإلَيْهِ مَتَابِ} (¬4) (¬5).
فالدين -على ذلك- كله داخل في العبادة.
والدّين منهج الله جاء ليسع الحياة كلَّها، وينظم جميع أمورها: من أدب الأكل والشرب وقضاء الحاجة، إلى بناء الدولة، وسياسة الحكم، وسياسة المال، وشؤون المعاملات والعقوبات، وأصول العلاقات الدولية في السلم والحرب، ولهذا نجد كتاب الله الكريم يخاطب عباده المؤمنين بأوامر تكليفية، وأحكام شرعية تتناول جواب شتى من الحياة، وفي سورة واحدة هي سورة البقرة نجد مجموعة من التكاليف كلّها جاءت بصيغة واحدة: {كُتِبَ عَلَيْكمْ}، ولنقرأ هذه الآيات الكريمة: قال تعالى {يَا أيُهَا الَّذِينَ آمُنوا كتِبَ عَلَيْكمُ القِصَاصُ في القَتلَى} (¬6).
¬__________
(¬1) العبودية (ص 38)،
(¬2) العبودية (ص 38).
(¬3) سورة هود / 123.
(¬4) سورة الرعد / 30.
(¬5) العبودية (ص 73).
(¬6) سورة البقرة / 178.

الصفحة 46