كتاب مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين

فهذا أبو داود صاحب السنن يقول: "كتبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما تضمنه هذا الكتاب "يعني كتاب السنن" جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ويكفي الِإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث: أحدها: قوله -صلى الله عليه وسلم: "إنّما الأعمال بالنيّات" (¬1).
والثاني: قوله صلى الله عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (¬2).
ْوالثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يكون المؤمن مؤمنا حتى لا يرضى لأخيه إلاّ ما يرضى لنفسه" (¬3).
والرابع: قوله صلى الله عليه وسلم: "الحلال بيّن والحرام بيّن" (¬4).
وفي رواية أخرى عن أبي داود قال: أصول السنن في أربعة أحاديث: وذكرها إلاّ أنّه جعل حديث: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي النّاس يحبك النّاس" (¬5) أحد هذه الأصول.
وقد وافق الدارقطني أبا داود في روايته الأخيرة فعدّها أربعة وهي نفس الأحاديث التي أوردها أبو داود (¬6).
وعدّها ابن المديني وابن مهدي (¬7) أربعة أيضا (¬8)، ولكن خالفوا في ذكر بعض الأحاديث، فهم يرون أن أصول الأحاديث الأربعة هي حديث: "إنما الأعمال"،
¬__________
(¬1) البخاري ومسلم وكتب السنن.
(¬2) قال ابن رجب: أخرجه الترمذي وابن ماجه وحسنه النووي (جامع العلوم ص 105).
(¬3) الحديث المشهور "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، رواه البخاري ومسلم (جامع العلوم ص 111).
(¬4) عزاه ابن رجب إلى البخاري ومسلم (جامع العلوم ص 63).
(¬5) روايتا أبي داود أوردهما ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص 6)، والرواية الأولى أوردها العيني (1/ 22)، وصاحب إرشاد الساري (1/ 56).
(¬6) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 9).
(¬7) هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان البصري، من كبار حفاظ الحديث ببغداد. مولده ووفاته بالبصرة (135 - 198 هـ)، قال الشافعي: "لا اعرف له نظيرا".
(تهذيب التهذيب 6/ 279)، (خلاصة تذهيب الكمال 2/ 154)، (طبقات الحفاظ ص 139)، (الأعلام ص 139).
(¬8) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 9).

الصفحة 91