كتاب تفسير العثيمين: النمل

الآية (٢)
* * *

* قَالَ اللهُ عَز وَجَلَّ: {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [النمل: ٢].
* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [هو {هُدًى}]، قدَّرَ المُفَسِّر (هو) ليُبين لنا إعرابَ (هدى) فعلى تقديرِه يَكُون (هدى) خبرًا لمبتدأٍ محذوفٍ، التَّقْدير: (هو هُدًى).
ثم قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [هادٍ مِنَ الضَّلالةِ]. ومعلوم أن هُدى مَصْدَر، وأن هادٍ اسمُ فاعل، فيَكُون المُفَسِّر هنا فسَّر المصدرَ باسمِ الفاعلِ، وَفِي تفسير نظرٌ؛ لِأَنَّ الأَولى أن يُجْعَل المصدر عَلَى بابه؛ لسببينِ:
السَّبَب الأول: أن تحويل اسْم الفاعل إِلَى المصدر أبلغُ، فإنَّك إذا قلتَ: فلان عَدْلٌ، وفلان عادلٌ، أيُّهما أبلغ؟ عَدْلٌ أبلغُ، يَعْنِي كأنه مصدر العَدْل، لكِن (عادل) متَّصِف بالعدلِ الموجودِ فِي غيرِه، فلَا شَكَّ أن المصدر أبلغُ.
السَّبَب الثاني: أن جعله هدًى معناه: أن الْقُرْآن نفسه هُدًى يَهتدِي به الْإِنْسَان، لَيْسَ هاديًا، بل هُوَ هُدًى يَهتدي به، فَهُوَ كالعَلَمِ الَّذِي يسير الْإِنْسَان وراءهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى غايته، مثلما سمَّاه الله تَعَالَى نُورًا، قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: ١٧٤].
قوله: {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} بُشرى أيضًا بمعنى: بِشارة، وقَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [{لِلْمُؤْمِنِينَ} المصدِّقين به بالجنَّة].

الصفحة 16