كتاب تفسير العثيمين: النمل

الآية (٨٨)
* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل: ٨٨].
* * *

قوله: (ترَى) أيُّها الْإِنْسَان، فالخطابُ لَيْسَ خَاصًّا بالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِأَنَّ هَذِهِ الرؤيةَ له ولِغَيْرِهِ. والجبالُ: مَعروفةٌ، والرؤيةُ هنا بَصَرِيَّة، قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [تُبْصِرها وقتَ النفخةِ].
وقول المُفَسِّر: [وقت النفخة] فِيهِ نظرٌ؛ لِأَنَّ وقتَ النفخةِ لم يكن النَّاس قد قاموا من قُبُورهم، ولَكِنَّهم يَرَوْنَها يومَ القيامةِ بعدَ أن يأتيَ النَّاس إِلَى اللهِ تَعَالَى داخِرينَ.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{تَحْسَبُهَا} تَظُنُّها]، والجملةُ فِي قولِهِ: {تَحْسَبُهَا} فِي مَوْضِع نصبٍ عَلَى الحالِ؛ لأننا قُلْنَا: إنَّ الرؤيةَ هنا بَصَرِيَّة، والرؤيةُ البصريَّةُ لا تَنْصِب إِلَّا مَفْعُولا واحدًا، ومعنى تَحْسَبُها؛ أي: تَظُنُّها.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{جَامِدَةً} واقفةً مكانها لِعِظَمِها]، وقوله: {وجَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ} استعملَ الجمودَ للوقوفِ بجامعِ الثبوتِ فِي كُلّ منهما؛ لِأَنَّ الجامدَ ثابتٌ، والواقف كذلك ثابت، ولكِن قول المُفَسِّر: [واقفة مكانها] فِيهِ نظرٌ، إِنَّمَا {تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} أي: واقفة وإنْ كانتْ هِيَ تدورُ، ولهَذَا قَالَ: {وَهَيَ تَمُرُّ مَرَّ الْسَّحَابِ} فَتَبَيَّن بهَذَا

الصفحة 494