كتاب تفسير العثيمين: النمل

شأنٍ، و (أنا) خبرها، وجملة: {اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} تكون بَيَانا للضَميرِ، (الله) مبتدأ، و (العزيز) خبر، و (الحكيم) خبر ثانٍ، وهي بَيَان لـ (أنا)، وعلى الأوَّل يَرَوْنَ أن جملة {أَنَا اللَّهُ} هِيَ الخبر، لكِن ما سَلَكَه المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ أقربُ، وإنْ كَانَ الثاني محُتمَلًا، يَعْنِي أنَّ الثانيَ يَستقيم لكِن الأوَّل أقوى: {إِنَّهُ} أي: الشأن {أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، فهَذَا الَّذِي قدَّره المُفَسِّر أحسنُ مِنَ الَّذِي قدَّره بعض المفسِّرين كالزَّمَخْشَرِيّ (¬١).
قال: {أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ابتدأ بالأُلُوهِيّة، فقال: {اللَّهُ}، و (الله) تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ الاسمُ العلَم عَلَى اللهِ الَّذِي لا يُسمَّى به غيرُه، وجميع ما يأتي من أسماء اللهِ دائمًا تَجِدُه تبَعًا لهَذَا الاسمِ، ودائمًا تُصَدَّر أسماء الله بكلمة {اللَّهُ}؛ لِأَنَّهُ العلم الَّذِي لا يُسَمَّى به غيره، ثُمَّ تأتي الأسماء بَعْد ذلك تابعةً له.
و{الْعَزِيزُ} معناه: القويّ الَّذِي لا يُغْلَب، بل هُوَ الغالِب، وَقِيلَ: إن العِزَّة تَنْقَسِم إِلَى ثلاثةِ أقسامٍ هي:
١ - عِزَّة القَدر.
٢ - عزة القَهر.
٣ - عزة الامتناع.
وقَالُوا: إِنَّهَا مُشْتَقَّة مِنَ الْأَرْضِ العَزَاز، والْأَرْض العزاز يَعْنِي: الصُّلبة القويَّة، ونحن نُسَمِّيها باللّغة العامِّيَّة: (عَزَا) فنَحذِف الزايَ الثَّانِيَةَ، فالعزيز معناه: هُوَ القوِيُّ الغالب الَّذِي لا يُغلَب، فإذا قُلْنَا بهَذِهِ الثلاثةِ أَتَينا بالمعاني الثلاثةِ؛ القهر والقَدر والامتناع.
---------------
(¬١) انظر الكشاف (٣/ ٣٥٠).

الصفحة 63