كتاب الدعاء للطبراني - نسخة مقابلة (اسم الجزء: 2)
وَأَوْمَأَتْ إِلَى بَطْنِهَا, فَيَقُولُ النَّاسُ: مِنْ أَيْنَ جَاءَتْ بِهَذَا, وَزَوْجُهَا غَائِبٌ، قَالَ: فَخَرَجَ الْقَوْمُ وَهُمْ يَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ امْرَأَةً قَطُّ أَحْسَنَ عَقْلاً, وَلاَ أَقْرَبَ مَذْهَبًا، قَالَ: وَوَدَّعُوهُ, وَخَرَجَ الرَّجُلُ تَرْفَعُهُ أَرْضٌ, وَتَضَعُهُ أُخْرَى، حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مَمْلَكَتِهِ، قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ فِي صَحْرَاءَ, لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ, وَلاَ مَاءٌ, إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ يُصَلِّي، قَالَ: فَخِفْتُهُ, وَقُلْتُ: هَذَا يَطْلُبُنِي، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي، فَقُلْتُ: وَاللهِ مَا مَعَهُ رَاحِلَةٌ, وَلاَ دَابَّةٌ, وَلاَ قِرْبَةٌ، قَالَ: فَكَأَنِّي آنَسْتُ, فَقَصَدْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا صِرْتُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ, رَكَعَ, ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَأَنَا قَائِمٌ، فَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا الطَّاغِي أَخَافَكَ؟ قُلْتُ: أَجَلْ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ،
قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ مِنَ السَّبْعِ، قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ, وَمَا السَّبْعُ؟ فَقَالَ: قُلْ: سُبْحَانَ الْوَاحِدِ الَّذِي لَيْسَ غَيْرُهُ إِلَهٌ، سُبْحَانَ الْقَدِيمِ الَّذِي لاَ بَادِيَ لَهُ، سُبْحَانَ الدَّائِمِ الَّذِي لاَ نَفَاذَ لَهُ، سُبْحَانَ الَّذِي كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، سُبْحَانَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سُبْحَانَ الَّذِي عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ، ثُمَّ قَالَ: قُلْهَا، قَالَ: فَقُلْتُهَا, وَحَفِظْتُهَا، قَالَ: فَأَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَلْبِي الأَمْنَ, وَرَجَعْتُ رَاجِعًا مِنْ طَرِيقِي الَّذِي جِئْتُ بِهِ، فَالْتَفَتُّ, فَلَمْ أَرَ الرَّجُلَ، وَقَصَدْتُ قَاصِدًا أُرِيدُ أَهْلِي, فَقُلْتُ: لَآتِيَنَّ بَابَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ, فَأَتَيْتُ بَابَهُ,
فَإِذَا هُوَ يَوْمَ إِذْنِهِ, وَهُوَ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ، فَدَخَلْتُ, وَإِنَّهُ لَعَلَى فَرْشِهِ, فَمَا غَدَا أَنْ رَآنِيَ, فَاسْتَوَى عَلَى فَرْشِهِ, ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَيَّ, فَمَا زَالَ يُدْنِينِي, حَتَّى قَعَدْتُ مَعَهُ عَلَى الْفِرَاشِ، ثُمَّ قَالَ: سَحَرْتَنِي وَسَاحِرٌ أَيْضًا مَعَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ، فَقُلْتُ: وَاللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, مَا أَنَا بِسَاحِرٍ, وَلاَ أَعْرِفُ السَّحَرَةَ, وَلاَ سَحَرْتُكَ، قَالَ: فَكَيْفَ، فَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَتِمُّ مُلْكِي إِلاَّ بِقَتْلِكَ، فَلَمَّا رَأَيْتُكَ لَمْ أَسْتَقِرَّ حَتَّى دَعَوْتُكَ, فَأَقْعَدْتُكَ مَعِي عَلَى فِرَاشِي، وَهُوَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ, ثُمَّ قَالَ: اصْدُقْنِي أَمْرَكَ، فَأَخْبَرَهُ بِقِصَّتِهِ وَخَوْفِهِ وَأَمْرِهِ كُلِّهِ, وَمَا كَانَ فِيهِ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ سُلَيْمَانُ: الْخَضِرُ, وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَّمَكَهَا، اكْتُبُوا لَهُ أَمَانَةً, وَأَحْسِنُوا جَائِزَتَهُ, وَاحْمِلُوهُ إِلَى أَهْلِهِ.
الصفحة 1297
1993