كتاب الدعاء للطبراني - نسخة مقابلة (اسم الجزء: 3)

وَأَسْتَخْلِفْهُ عَلَيْكُمْ، إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ، لاَ تَعْلُوا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي عِبَادِهِ وَبِلاَدِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِي وَلَكُمْ: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، وَقَالَ: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ}, ثُمَّ قَالَ: قَدْ دَنَا الأَجَلُ وَالْمُنْقَلَبُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَإِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِلَى جَنَّةِ الْمَأْوَى، وَإِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى، وَالْكَأْسِ الأَوْفَى، وَالْحَظِّ وَالْعَيْشِ الْمُهَنَّى, قُلْنَا: فَمَنْ يُغَسِّلُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي، الأَدْنَى فَالأَدْنَى, قُلْنَا: وَكَيْفَ نُكَفِّنُكَ؟ قَالَ: فِي ثِيَابِي هَذِهِ إِنْ شِئْتُمْ, أَوْ فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَةٍ, أَوْ فِي بَيَاض مِصْرَ, قُلْنَا: فَمَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ مِنَّا؟ فَبَكَيْنَا وَبَكَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ,
ثُمَّ قَالَ: مَهْلاً غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ, وَجَزَاكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ خَيْرًا, إِذَا غَسَّلْتُمُونِي وَكَفَّنْتُمُونِي, فَضَعُونِي عَلَى سَرِيرِي فِي بَيْتِي هَذَا عَلَى شَفِيرِ قَبْرِي، ثُمَّ اخْرُجُوا عَنِّي سَاعَةً, فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ جَلِيسَيْ وَخَلِيلِي جِبْرِيلُ، ثُمَّ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ، ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ, مَعَ جُنُودِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، ثُمَّ ادْخُلُوا عَلَيَّ فَوْجًا فَوْجًا، فَصَلُّوا عَلَيَّ, وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، وَلاَ تُؤْذُونِي بِتَزْكِيَةٍ, وَلاَ ضَجَّةٍ, وَلاَ رَنَّةٍ، وَلْيَبْدَأْ بِالصَّلاَةِ عَلَيَّ رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي وَنِسَاؤُهُمْ، ثُمَّ أَنْتُمْ، ثُمَّ اقْرَأُوا عَنِّي السَّلاَمَ كَثِيرًا, مَنْ غَابَ مِنْ أَصْحَابِي فَإِنِّي قَدْ سَلَّمْتُ عَلَى مَنْ تَابَعَنِي عَلَى دِينِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ, قُلْنَا: فَمَنْ يُدْخِلُكَ فِي قَبْرِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أَهْلِي مَعَ مَلاَئِكَةٍ كَثِيرٍ, يَرَوْنَكُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ.
وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ الْبَلْخِيِّ.
1220- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ حَمْدَانَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقِدَاحُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ, هَبَطَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ, إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ, وَتَفْضِيلاً لَكَ, وَخَاصَّةً لَكَ, أَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ، يَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم: أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا, وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا,
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ, هَبَطَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ, وَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ, وَهَبَطَ مَعَهُمَا مَلَكٌ فِي الْهَوَاءِ, يُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ, عَلَى سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ, لَيْسَ فِيهِمْ مَلَكٌ, إِلاَّ عَلَى سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ, يُشَيِّعُهُمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ, إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ, وَتَفْضِيلاً لَكَ, وَخَاصَّةً لَكَ, أَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ يَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم: أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا, وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا, قَالَ: وَاسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى الْبَابِ,
فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: يَا أَحْمَدُ, هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ, مَا اسْتَأْذَنَ عَلَى آدَمِيٍّ قَبْلَكَ, وَلاَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى آدَمَيٍّ بَعْدَكَ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ, فَأَذِنَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ, فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ, إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ وَأَمَرَنِي أَنْ أُطِيعَكَ فِيمَا أَمَرْتَنِي بِهِ، إِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَقْبِضَ نَفْسَكَ قَبَضْتُهَا، وَإِنْ كَرِهْتَ تَرَكْتُهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم: أَتَفْعَلُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: نَعَمْ, وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ أَنْ أُطِيعَكَ فِيمَا أَمَرْتَنِي بِهِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: يَا أَحْمَدُ, إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ اشْتَاقَ إِلَى لِقَائِكَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم: امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ, فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: هَذَا آخِرُ وَطْأَتِي الأَرْضَ, إِنَّمَا كُنْتَ حَاجَتِي مِنَ الدُّنْيَا، قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ, جَاءَ آتٍ يَسْمَعُونَ حِسَّهُ, وَلاَ يَرَوْنَ شَخْصَهُ, فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ, إِنَّ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرْكًا مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ، بِاللهِ فَثِقُوا, وَإِيَّاهُ فَارْجُوا, فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

الصفحة 1372