كتاب مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع

ما يتحدث الناس؟ فقالت: يا بنية هوني عليك الشأن، فوالله لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها ولها ضرائر، إلا كثرن عليها القول وحسدنها، قالت عائشة: سبحان الله!!.
وقد تحدث الناس بهذا!! ثم بكت واستمرت في البكاء وازدادت مرضاً إلى مرضها، ولما اشتد الأمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، استشار بعض أصحابه في فراق أهله، فأشار عليه أسامة بن زيد بقوله: "يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلاَّ خيراً"، وأشار علي بن أبي طالب بقوله: "لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك"، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، وقال لها: "يا بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟ " فقالت بريرة: "والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمراً قط أعيبها به أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام على عجين أهلها فتأتي الشاة فتأكله"، وعندئذ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فخطب الناس وطلب من يعذره من عبد الله بن أبي ابن سلول، الذي أثار هذه الفتنة العمياء، فقال: "يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلاَّ خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاَّ خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي"، فقام سعد بن معاذ سيد الأوس فقال: "أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك". فقام سعد بن عبادة سيد الخزرج، فقال لسعد بن معاذ: "كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله"، فقام أسيد بن حضير - وهو ابن عم سعد بن معاذ - فقال لسعد بن عبادة: "كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين"، فثار الحيان الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، وكادت تكون كارثة عظيمة بين الأوس والخزرج، تقر بها أعين الحاقدين على الإسلام وأهله، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي قضى عليها بحكمته، فما زال بالحيين يخفضهم ويسكتهم حتى هدؤا، واستمر الحال على هذا نحو شهر لم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحْي في ذلك، حتى اشتد الأمر عليه، وعلى صحابته الكرام، وتطلعت نفوسهم، إلى الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكشف هذه الغمة ويجلي لهم الموقف. ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزيد على أن يذهب إلى أهله فيقول:

الصفحة 10