كتاب مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع

أستخرج ثانياً ما يتعلق به عرض صحيح في ذلك الحديث من الفوائد المتنية والإسنادية من تتمات وزيادات وكشف غامض وتصريح مدلس بسماع، ومتابعة سامع من شيخ اختلط قبل ذلك، منتزعاً كل ذلك من أمهات المسانيد، والجوامع والمستخرجات والأجزاء والفوائد، بشرط الصحة أو الحسن فيما أورده من ذلك.
وثالثاً: أصل ما انقطع من معلقاته1 وموقوفاته، وهناك تلتئم زوائد الفوائد وتنتظم شوارد الفرائد.
ورابعاً: أضبط ما يشكل من جميع ما تقدم أسماء وأوصافاً مع إيضاح معاني الألفاظ اللغوية والتنبيه على النكت البيانية.
وخامساً: أورد ما استفدته من كلام الأئمة مما استنبطوه من ذلك الخبر من الأحكام الفقهية والمواعظ الزهدية والآداب المرعية مقتصراً على الراجح من ذلك متحريا للواضح دون المستغلق في تلك المسالك مع الاعتناء بالجمع بين ما ظاهره التعارض مع غيره، والتنصيص على المنسوخ بناسخه، والعام بمخصصه والمطلق بمقيده، والمجمل بمبينه والظاهر بمؤوله والإشارة إلى نكت من القواعد الأصولية، ونبذ من فوائد العربية ونخب من الخلافات المذهبية، بحسب ما اتصل بي من كلام الأئمة، واتسع فهمي من المقاصد المهمة، وأراعي هذا الأسلوب إن شاء الله تعالى في كل باب …"الخ 2.
هذا هو المنهج الذي أوضحه في مقدمته وقد سار عليه فعلاً، في شرحه لصحيح البخاري، وهذا الشرح يجمع علوماً شتى ومعارف عظيمة أهمها علم الحديث والإسناد والفقه، والتراجم، وفيه علوم أخرى كثيرة كعلم التاريخ والمغاوي والسير، وعلوم اللغة العربية، وأنواع من العلوم لا تدخل تحت حصر، ولو وضع لكل علم فهرس خاص به لبلغ مجلدات، وهذا كله يدل على عظمة هذا الكتاب وجلالة قدر مؤلفه، ومبلغ ما ضمنه فيه من المعارف الواسعة التي تحتاج إلى خدمة وتيسير للوصول إليها، فعسى الله أن يقيض لذلك من يقوم به.
__________
1 أي معلقات صحيح البخاري.
2 هدي الساري مقدمة فتح الباري ص 4.

الصفحة 36