كتاب مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع

ونسبه، وكنيته ولقبه، مع ضبط ما يشكل من ذلك بالحروف، ثم صفته التي يختص بها من جرح أو تعديل، ثم التعريف بعصر كل راو منهم، بحيث يكون قائماً مقام ما حذفته من ذكر شيوخه والرواة عنه، إلا من لا يؤمن لبسه"1.
والكتاب المذكور رجعت إليه في موضوع بحثي وأفدت منه جملة من الفوائد الإسنادية من حيث الحكم على كل راو ومعرفة طبقته، وقد امتاز هذا الكتاب بالدقة والتحري والاختصار غير المخل، والاقتصار على المهم في بابه.
وقد ظل هذا الكتاب مرجعاً علمياً هامّا في موضوعه لطلاب علم الحديث والإسناد، وأثنى عليه العلماء ثناء عظيماً، واعتمدوه في بابه، لأنه من تراث الحافظ ابن حجر الذي أجمع العلماء على حفظه وتقدمه في هذا العلم وغيره.
هذا ومؤلف الكتابين (فتح الباري والتقريب) هو الإمام الحجة والحافظ الثبت أحمد بن علي بن حجر العسقلاني صاحب التصانيف الكثيرة التي ذاع صيتها في حياته قبل مماته، وانتشرت في جميع الأعصار والأمصار، ولقد كان -بحق -عالماً متبحراً في علوم عصره، واجتمع له من الشيوخ نخبة كان كل واحد منهم رأساً في فنه وعلماً شامخاً في علمه، فقرأ عليهم ولازمهم واستفاد منهم، حتى فاق أقرانه، وساد أهل زمانه، بما أوتي من علم وحلم، ومؤلفاته الكثيرة تشهد بعلو قدره وغزارة علمه وسعة اطلاعه ومعارفه وقد كان عالماً بالفقه وأصوله وعلوم القرآن كلها وعلوم العربية على اختلاف تنوعها، واشتهر بمطارحة الشعراء، ولكنه غلب عليه أخيراً علم الحديث والإسناد وشغل بهما وصنف التصانيف التي لم يسبق إليها ولم يأت بعده من داناها في السعة والإحاطة والدقة والتحري، واشتهر بذلك حتى لا يكاد يذكر اسمه إلا مقروناً بهذا العلم، حتى صار إطلاق لفظ الحافظ عليه كلمة إجماع عند علماء الحديث، مع أنه اشتغل بجميع معارف وعلوم عصره.
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه على ما قدم للمسلمين من خير وافر وعلم زاخر. وكانت ولادته سنة (773هـ) وتوفي سنة (852 هـ) 2.
__________
1 مقدمة التقريب 1/3-4.
2 البدر الطالع للشوكاني 1/87-92، ولحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ لابن فهد المكي ص 326-342. وانظر مؤلفاته مبسوطة في آخر لسان الميزان له 7/3-6 وفي آخر تهذيب التهذيب 12/501-504.

الصفحة 38