كتاب مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع

ويتضح ذلك جلياً في موقف معبد بن أبي معبد الخزاعي في حمراء1 الأسد، التي وقعت عقب غزوة أحد مباشرة. وقد استهدف الرسول صلى الله عليه وسلم تقوية معنويات المسلمين وتثبيت مركزهم داخل المدينة بعد أن أضعفتهم معنويات آثار أحد فخرج صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد يتبع جيش أبي سفيان خشية أن تسوّل لهم أنفسهم الكرة على المسلمين لاستئصالهم - وكان الأمر كما توقّع صلى الله عليه وسلم - فلما وصل حمراء الأسد مرّ به معبد بن أبي معبد الخزاعي فقال: "يا محمد والله لقد عز علينا ما أصابك ولوددنا أن الله عافاك مما حدث بك -" وكان معبد إذ ذاك مشركاً2 ولكن خزاعة كانت عيبة3 نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة، مسلمهم ومشركهم فكانوا لا يخفون عنه شيئاً حدث في مكة - ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم متجهاً نحو مكة، فلقي أبا سفيان بن حرب وجماعته بالروحاء4 وقد أجمعوا الرجعة إلى المدينة وقالوا: "أصبنا أشرافهم وقادتهم ثم نرجع قبل أن نستأصلهم، لنكرن على بقيتهم فلنفرغن منهم، وبينما هم كذلك طلع عليهم معبد بن أبي معبد الخزاعي فلما رآه أبو سفيان قال: "ماوراءك يا معبد؟ "
__________
1 ذكر إبراهيم الحربي أن حمراء الأسد فوق ذي الحليفة بثلاثة أميال يسرة عن الطريق إذا أصعدت إلى مكة. كتاب المناسك ص 440، وقال خليفة بن خياط وابن عبد البر وياقوت والفيروز آبادي أنها تبعد عن المدينة بثمانية أميال، تاريخ خليفة، ص 74، والاستيعاب 3/455، ومعجم البلدان 2/301، والقاموس المحيط 2/13، ولا فرق بين تحديد الحربي وغيره لأن ذا الحليفة على خمسة أميال ونصف من المدينة، انظر كتاب المناسك للحربي ص 427، وهي تبعد عن المدينة بتسعة أميال. نسب حرب للبلادي ص 359، وعلى هذا فتكون المسافة بين حمراء الأسد والمدينة بالكيلومترات 1/3 13 كيلومتراً.
2 كون معبد إذ ذاك كان مشركاً هو المشهور عند العلماء.
انظر: سيرة ابن هشام 2/102، ومغازي الواقدي 1/338، وتاريخ خليفة ص 74، والبداية والنهاية لابن كثير 4/49، والاستيعاب لابن عبد البر 3/454 على هامش الإصابة، وأسد الغابة لابن الأثير 5/217-218.
وذكر ابن القيم أنه أسلم في ذلك الوقت وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحق بأبي سفيان فيخذله. انظر: زاد المعاد 2/121.
ومعبد هذا هو غير معبد ولد أم معبد الخزاعية.
انظر: الإصابة لابن حجر 3/441 – 442.
3 عيبة الرجل: موضع سره
انظر: النهاية لابن الأثير 3/327.
4 الروحاء: على طريق مكة تبعد عن المدينة بـ 73 كيلومتراً.
انظر: نسب حرب للبلادي ص 107.

الصفحة 64